وهذا التقريب غير تام أيضاً ، لأنه يمكن أَنْ يختار الشق الأول ولا يلزم منه محذور ، اما على القول باختصاص قانون ( الواحد لا يصدر إلاّ من واحد ) بالواحد الشخصي ، فواضح ، وامّا على القول بعمومها للواحد النوعيّ أيضا فلأنَّ الواحد بالنوع في المقام إِنْ أُريد به الوجوب فإِن أريد به المجعول فهو ليس امراً حقيقياً تصديقياً كي يطبق عليه قوانين العلّية وانما هو امر فرضي حالي تصوري على ما تقدم توضيحه مراراً ، ولو أُريد به الجعل فهو صادر عن الجاعل ومعلول له وليس معلولاً للشرط أصلا ودور الشرط بحسب الحقيقة دور التحصيص والتقييد ، وإنْ أُريد بالواحد النوعيّ الملاك فلا موجب لافتراض وحدته بالنوع في الوجوبين المستندين إلى العلّتين.
التقريب الخامس : ما ذكره المحقق النائيني ( قده ) وهو مؤلف من الفقرات الثلاث المتقدمة أيضا وانما يختلف عن التقريبين السابقين في كيفية البرهنة على الفقرة الثالثة منها ، حيث يبرهن على إثبات الانحصار في هذا التقريب ببيان جديد حاصله : انَّ الجزاء لو نسب إلى الشرط فيما إذا كان الشرط امراً زائداً على الموضوع وليس مسوقاً لتحققه ، فيعقل فيه ثبوتا احتمالان لا ثالث لهما ، امّا إطلاق الجزاء من ناحية الشرط أو تقيّده به لاستحالة الإهمال. والإطلاق غير صحيح لأنَّه خلاف الشرطية فيتعين تقييد الجزاء بالشرط وحينئذ يقال : انَّ هذا التقييد يواجه سؤالين وتشكيكين.
الأول : انه هل يكون الشرط كل العلّة أو جزؤها.
الثاني : انه هل يكون الشرط علّة تعيينية أو بدلية بحيث يوجد هناك امر آخر يصلح أَنْ ينوب مقامها.
والتشكيك الأول ينفى بالإطلاق المقابل للواو ، فانّه لو كان الشرط جزء العلّة والمولى في مقام بيان تمام علّة حكمه وموضوعه كان ينبغي عطف الجزء الآخر عليه وجعلها معاً شرطاً وهو خلاف الإطلاق.
والتشكيك الثاني ينفى بالإطلاق المقابل لأو ، إذ لو كان الشرط علّة بدلية كان ينبغي عطف العلّة الأخرى عليه بأو فيكون مقتضى السكوت عنه عدم البدل