الوجه الثاني ـ ما ذكره المحقق الخراسانيّ ( قده ) وحاصله : انَّ المفهوم عبارة عن حكم إنشائي أو إخباري لازم لخصوصية في المدلول المطابقي لا لأصل المدلول المطابقي ، سواءً كانت هذه الخصوصية ثابتة بالوضع أو بمقدمات الحكمة ، فمثلاً وجوب الوضوء لازم لأصل وجوب الصلاة الّذي هو المدلول المطابقي للدليل وهذا لا يكون من المفاهيم بينما مفهوم الشرط ليس لازماً لأصل الشرطية وأصل الربط وانما هو لازم لخصوصية في الربط ، وهو كون الربط بنحو العلّية الانحصارية ، وهذه الخصوصية تثبت بالإطلاق ومقدمات الحكمة على ما سوف يأتي إن شاء الله تعالى بيانه ، ثمَّ بعد هذا قال ( قده ) سواءً وافقه في الإيجاب والسلب أو خالفه ويقصد من هذا تعميم المفهوم لمفهوم الموافقة والمخالفة معاً (١).
وفيه :
أولا ـ انه بناء على التعريف السابق الّذي بينه للمفهوم لا يُعقل إدخال مفهوم الموافقة في المفاهيم فانّه لازم لأصل المدلول المطابقي لا لخصوصية فيه ، فمثلا حرمة الضرب تكون لازماً لأصل المدلول المطابقي لقوله تعالى ( ولا تقل لهما أُفٍ ) وإِنْ كان بحسب الغرض مفهوم الموافقة خارجاً عن هذا البحث المعقود لأجل مفاهيم المخالفة بالخصوص.
ثانياً ـ انَّ ما ذكره من التعريف ليس مانعاً فانه قد ينطبق على ما ليس مفهوماً كوجوب المقدمة الّذي هو لازم لوجوب ذي المقدمة ، بناء على انَّ المدلول المطابقي لصيغة الأمر ليس هو الوجوب وانَّما هو الطلب والوجوب مستفاد من الإطلاق ومقدمات الحكمة ، فانه حينئذٍ يصبح وجوب المقدمة لازماً لخصوصية في المدلول المطابقي مع انه ليس من المفاهيم حتى بناء على استفادة الوجوب من مقدمات الحكمة.
الوجه الثالث ـ ما ذكره المحقق الأصفهاني ( قده ) من انَّ المفهوم عبارة عن التابع في الانفهام مع فرض كون حيثية الانفهام مأخوذة في المنطوق ، فانَّ حيثية انفهام
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ٣٠٠ ـ ٣٠١
الوجوب من صيغة الأمر أو من الجملة الخبرية ـ بناء على بعض المسالك المتقدمة في شرحه ـ انما يستفاد بالدلالة الالتزامية ولكنه ليس مفهوماً ، وكذلك دلالة دليل مطهريّة شيء على طهارته بالملازمة.