فقال أبو جعفر ٧ : انه لم يعص الله وانما عصى سيده فإذا أجازه فهو له جائز (١).
فيدّعى : انَّ ظاهر جواب الإمام انه لو كان عاصيا لله لكان النكاح باطلا من أصله ، وظاهر العصيان العصيان التكليفي لا الوضعي بمعنى الإتيان بالمعاملة الفاسدة فانَّ العصيان الوضعي ليس في الحقيقة عصيانا وتمرداً على المولى ، فلا بدَّ وأَنْ يكون المقصود انَّ العصيان التكليفي يوجب فساد النكاح وهذا يعني انَّ النكاح لو كان منهياً عنه لوقع باطلاً وهو معنى انَّ النهي عن المعاملة يوجب الفساد.
إلاّ أنَّ الصحيح : عدم إمكان المساعدة على هذا الاستدلال ، لوجود قرائن عديدة في الرواية تعيّن إرادة العصيان الوضعي والإتيان بما لم يمضه الشارع ، ولا أقل من الإجمال فلا يمكن التمسك بها.
القرينة الأولى ـ انَّ غاية ما فرض في السؤال انه تزوج بغير اذن سيده ، فحتى لو فرض انَّ سيده كان قد نهاه ومنعه عن ذلك منعاً تكليفياً أيضا حمل معصية السيد على المعصية التكليفية خلاف الظاهر ، بل لا بدَّ وأَنْ يكون المقصود المعصية الوضعيّة وانَّ سيده لم يكن يمضي هذا الزواج ولم يأذن به.
فإذا كان المقصود من عصيان السيد العصيان الوضعي فلا بدَّ وأَنْ يكون المقصود من عصيان الله أيضا العصيان الوضعي باعتبار انه جعل في قبال عصيان السيد فقيل ( انه لم يعص الله وانما عصى سيده ) ، غاية الأمر عدم عصيانه لله يكون باعتبار انَّ الله تعالى أمضى قانون النكاح كلّية وعصيانه لسيده يكون باعتبار عدم إمضائه لشخص هذا النكاح.
القرينة الثانية ـ ظاهر الرواية انَّ بطلان هذا النكاح يكون باعتبار انه عصى سيده ثم بعد ذلك قيل ( فانْ أجاز فهو له جائز ) وظاهره انه إنْ أجاز وارتفع المحذور السابق الّذي هو عصيان السيد صح النكاح ، ومن الواضح انَّ العصيان الّذي يمكن أَنْ يرتفع بعد العمل ويتبدل إلى الإجازة والاذن إنما هو العصيان الوضعي بمعنى عدم الإمضاء فانه يمكن أَنْ تكون المعاملة قبل وقوعها غير ممضاة ثم بعد ذلك تمضي. وامّا العصيان
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ١٤ ـ ب ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء ص ٥٢٣