مرجح ، فيسقط الدليلان معا في مادة الاجتماع (١).

وتحقيق الحال فيما ذكره ـ بعد ظهور ان نظره في ذلك إلى ان إجراء مقدمات الحكمة انما هو بيد المكلف لا الراوي ، بل الراوي لا ينقل سوى ثبوت الحكم للطبيعة المهملة ، والعقل يستظهر بمقدمات الحكمة إرادة العموم ، وهي غير تامة فيما نحن فيه ـ ان الراوي اما ان ينقل المعنى أو اللفظ ، والمراد بنقل المعنى واسناده إلى المعصوم عليه‌السلام هو الاخبار بصدور الدال على هذا المعنى من المعصوم لا صدور نفس المعنى ، إذ الصادر منه عليه‌السلام هو اللفظ لا المدلول كما لا يخفى.

فان كان الراوي ناقلا بالمعنى ، فمعناه انه ينقل صدور الدال على المعنى الإطلاقي ، وهو العموم من الإمام عليه‌السلام ، وهذا يعني إجراؤه بشخصه مقدمات الحكمة في كلام الإمام عليه‌السلام لا المكلف. نعم ، المكلف يجري مقدمات الحكمة في كلام الراوي كي يستظهر صدور المطلق من المعصوم ، باعتبار ان الراوي يخبر بصدور الدال على هذا المعنى الّذي يبديه من الإمام عليه‌السلام.

ولو كان النقل باللفظ ، فمقدمات الحكمة من الأمور الواقعية المستفادة من الراوي وروايته ، فان عدم نصب القرينة انما يعلم من الراوي ، وهكذا كونه في مقام البيان ، فانه يعرف من ملاحظة خصوصيات الحديث وشئونه ، وهو ما يرتبط بالراوي. وعليه فالمعنى الإطلاقي يكون مدلولا لكلام الراوي ، وليس هو خصوص الطبيعة المهملة ، والإطلاق يحكم به العقل بواسطة مقدمات الحكمة ، ومعه يحصل التعارض بين الروايتين باعتبار مدلوليهما ، فلاحظ.

ولو أغمضنا النّظر عن هذا كله ، والتزمنا بأن إجراء مقدمات الحكمة بيد المكلف ، فما رتبه على ذلك من سقوط الدليلين في مورد الاجتماع لعدم تمامية المقدمات ، لاستلزامه الإطلاق فيها الحكم بالجمع بين الضدين ، والالتزام بإطلاق أحدهما ترجيح بلا مرجح انما يتم لو كان مجرى المقدمات المذكورة هو المراد

__________________

(١) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٣ ـ ٤٢٩ ـ الطبعة الأولى.

۴۵۶۱