المفروض انه هو الّذي يحدث المخاطب لا انه يروى عنه فالمخاطب يسمع الحديث مباشرة منه ، فليس التنافي بين السندين بل يكون بحسب الظهور ، فيحمل الأول السابق على التقية كما يشير إليه ذيل رواية الكناني ، وهذا هو الّذي يفهمه المخاطب بالحديثين بحسب المتعارف.
واما الثالثة ، فهي أيضا ظاهرة في كون الخبرين مقطوعي الصدور للتعبير : « بأنه يجيء منكم خلافه » ، فمجيء خلاف ما حدث به عن الرسول صلىاللهعليهوآله منسوب إليهم مباشرة ، وهو لا يتناسب مع عدم الجزم بصدوره منهم ، كما ان ظاهر السؤال هو المفروغية عن صدورهما معا لا التشكيك في أحدهما ، وانما الإشكال في مخالفتهم عليهمالسلام للرسول صلىاللهعليهوآله مع ما صدر منهم من انهم لا يفتون بما يخالف سنة الرسول ، ويؤيده تقرير الإمام عليهالسلام
__________________
التقية التي تحيط بهم أو بالسائل.
وعلى هذا الأساس يكون مقتضى القاعدة هو الأخذ بالحكم الأحدث ولو لم يبيّن ذلك في النصوص ، وذلك لأنه اما ان يكون الحكم السابق موافقا للتقية ، فبيان خلافه متأخرا يكشف عن زوال التقية ، فيلزم الأخذ به. واما ان يكون اللاحق هو الموافق للتقية ، فيلزم الأخذ به للتقية. فالحكم اللاحق يلزم الأخذ به ، اما للتقية أو لأنه الحكم الواقعي ، لكن لا يخفى ان هذا هو حكم من كان في زمن التقية ، فلا يشمل من كان في غير زمن التقية ، كزماننا الّذي نحن فيه ، بل المستفاد من هذه النصوص هو لزوم الأخذ بما يخالف العامة بالنسبة إلى من هو في هذه الأزمنة لأنه هو الحكم الواقعي ، فلا يستفاد من هذه النصوص امر زائد على اخبار الترجيح بمخالفة العامة.
وهذا البيان أولى مما ذكره المحقق الأصفهاني قدسسره من اختصاص هذه النصوص بزمن التقية وهو زمن الحضور ، فلا تتكفل حكم زمن الغيبة ، فالمرجع فيه الاخبار العلاجية الأخرى.
فانه يرد عليه : ان الاخبار العلاجية نصّ بالنسبة إلى زمن الحضور فانه القدر المتيقن منها ، إذ لا يحتمل انها تتكفل بيان حكم زمن الغيبة خاصة. وعليه فتكون معارضة لهذه الاخبار ، وهذا بخلاف ما بيناه من استفادة الأخذ بمخالف العامة في غير زمن الغيبة من نفس الاخبار بلا احتياج إلى الرجوع إلى الاخبار العلاجية في ذلك ، ولعل مراده ما ذكرناه.