واما ما يظهر منه الترجيح ـ لا تمييز الحجة عن اللاحجة ـ في مورد الفروع ـ لا الأصول ـ المحمول على إرادة المخالفة لظاهر الكتاب ، كالمخالفة بالعموم والخصوص ، فهو (١) أربع روايات : المقبولة ، والمرفوعة ، ورواية عن رسالة القطب ، ورواية عيون الاخبار عن الإمام الرضا عليه‌السلام. اما الأوليان ، فعدم صحة الاعتماد عليهما ظاهر مما تقدم وكذلك الثالثة. واما رواية عيون الاخبار ، فهي وان كانت بالمقدار الّذي يذكر منها شاهدا وافية الدلالة ، إلاّ انه بملاحظة صدرها (٢) ، يتضح عدم كونها واردة في مقام تعارض الخبرين بل في مقام آخر ، فلا تصلح للاستدلال.

وبذلك يتحصل : انه لا يمكن التمسك بشيء من الاخبار على الترجيح ، فتدبر.

واما التوقف ، فالذي يتمسك به له روايتان : أحدهما : المقبولة.

والأخرى : رواية سماعة بن مهران المروية في الاحتجاج : « قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالاخذ والآخر ينهانا؟.

قال : لا يعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأل. قلت : لا بد ان نعمل بواحد منهما؟ قال : خذ بما فيه خلاف العامة » (٣).

والأولى : مع ما عرفت ما فيها ، وان موردها الحكمان لا الروايتان ، حدد فيها

__________________

(١) بل التحقيق انه لا بد من حمل النص الوارد في ترجيح الموافق على المخالف للكتاب على تمييز الحجة من اللاحجة ، لا ترجيح إحدى الحجتين على الأخرى ، وذلك أولا لما تقرر في محله من ان لفظ المخالفة لا يظهر منه المخالفة بنحو التباين أو العموم من وجه ، اما المخالفة بنحو الإطلاق أو التقييد أو العموم والخصوص فهو مما لا يعد مخالفة عرفا.

وثانيا ان الغالب في الروايات المتعارضة هو ما يرد منها في أبواب العبادات ، وليس في الكتاب الكريم عمومات أو إطلاقات بالنسبة إليها ، فلا يتصور المخالفة من هذه الجهة لعدم الموضوع ، فلا معنى لحمل الاخبار المتكفلة للترجيح عليها. بل لا بد من حملها على المخالفة بالتباين ومثله يكون الخبر ساقطا عن الحجية في نفسه فتدبر.

(٢) وسائل الشيعة ١٨ ـ ٨١ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٢١.

(٣) وسائل الشيعة ١٨ ـ ٨٨ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٤٢.

۴۵۶۱