الستة جار في مطلق موارد التعارض بين أكثر من دليلين مما كان العلم الإجمالي متعلقا بكذب أحدها ، كما لو قام الدليل على وجوب شيء وآخر على حرمة شيء آخر وثالث على كراهة امر ثالث وعلم إجمالا بكذب أحد هذه الأدلة (١).

ولا بد في بيان عدم نهوض ما ذكره من التكلم في جهتين :

الأولى : ان مفهوم التعارض المأخوذ في أدلة العلاج هل يشمل موارد العلم الإجمالي بكذب أحد الدليلين مع عدم تنافيهما ذاتا ، بحيث يكون السبب في التنافي هو العلم الإجمالي فقط ، أو يختص بموارد تنافي الدليلين ذاتا وبحسب مدلوليهما أنفسهما؟

الثانية : انه مع الالتزام بشمول التعارض لموارد العلم الإجمالي ، فهل يشمل موارد تنافي أكثر من دليلين أو لا؟

اما الجهة الأولى : فلمدع أن يدعي اختصاص التعارض في مدلول الاخبار العلاجية بموارد التنافي الذاتي بين الدليلين بحيث يكون كل منهما بمدلوله وظهوره ينافي الآخر ، دون موارد التنافي العرضي الناشئ من العلم الإجمالي الثابت من الخارج بعدم اعتبار مضمون أحدهما مع التلاؤم بين الدليلين بحسب مدلوليهما وعدم المنافاة بينهما من ناحيتهما أنفسهما. وإلى هذا يشير كلام المحقق النائيني قدس‌سره (٢).

ويمكن تقريبها : بأن التنافي المقوم لمعنى التعارض لا بد ان يكون عرفيا يدركه العرف ، وهو انما يتحقق مع كون كل من الدليلين بذاته وبمدلوله وظهوره ينافى الآخر ، بحيث يرى العرف التنافي بينهما عند ملاحظتهما ، كالتنافي بين الدليل الدال على وجوب شيء والدليل الدال على جوازه.

اما مع عدم تنافيهما ذاتا ، بل علم خارجا بكذب أحدهما ، فنفي كل منهما

__________________

(١) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٣ ـ ٣٩٠ ـ الطبعة الأولى.

(٢) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٧٠٢ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۴۵۶۱