وجريان مقدمات الحكمة في المراد الاستعمالي أو الجدي على الأخير ـ

وان كان مفاده ثبوت حكم العام من حين وروده ـ كما هو المفروض ـ فيدور الأمر بين تخصيص العام بالخاص ونسخ الخاصّ بالعامّ ، وحيث ان ثبوت الاستمرار والدوام كان بالإطلاق ـ إذ دلالة الدليل عليه بالالتزام من جهة الإطلاق فهو من ملازمات الإطلاق ـ فمن يلتزم بتقديم ظهور العام الوضعي على الظهور الإطلاقي لاختلال الإطلاق الحاصل من الظهور الوضعي على الظهور الإطلاقي لأنه مسبب عن ظهور الوضع فيتعين عليه فيما نحن فيه الالتزام بالنسخ وتقديم أصالة العموم.

ومن لا يلتزم بذلك ـ كما تقدم منا ـ فليس لديه ما يرجح به أحد الظهورين على الآخر فلا بد من ملاحظة كل مورد بنفسه وخصوصياته ، والحكم بترجيح أحدهما على طبقها.

اللهم إلاّ ان يدعى ان كثرة التخصيص وندرة النسخ وان لم تكن من القرائن العرفية المكتنفة للكلام بحيث توجب عدم انعقاد ظهور للعام في العموم من أول الأمر ، إلاّ انها موجبة لتضعيف ظهوره في العموم بحيث يكون الظهور الإطلاقي في الفرض أقوى من ظهور العام ، فيتعين التخصيص دون النسخ ولكن هذه دعوى تحتاج إلى إثبات كما لا يخفى.

واما في صورة تأخر الخاصّ ، فالامر لا يدور بين النحوين على التقديرين ، لأنه على تقدير كون مفاد الخاصّ هو ثبوت الحكم من أول الأمر ، فالتخصيص متعين ، إذ لا يحتمل كونه ناسخا على هذا الفرض ، لأن مفاده نفي الجعل لا نفى استمراره.

وعلى تقدير كون مفاده ثبوت الحكم من حين وروده ، فالنسخ متعين ، ولا يحتمل التخصيص إذ لا تنافي بين مفاد الخاصّ والعام حدوثا ، بل التنافي بين مفاد الخاصّ واستمرار جعل حكم العام ، فتقدم الخاصّ معناه الالتزام بالنسخ كما لا

۴۵۶۱