وحيث ان أحد الدليلين معلوم الكذب كان خارجا عن دليل الحجية بلا كلام.

واما الآخر ، فهو محتمل الإصابة وغير معلوم المخالفة للواقع فيبقى مشمولا لدليل الحجية.

وبما ان خروج أحدهما عن الحجية وبقاء الآخر ليس إلاّ بعنوان أحدهما لا أكثر ، إذ لا تعين للمعلوم بالإجمال ظاهرا في الواقع بحيث لو انكشف كان الآخر غير معلوم الكذب وكان هو معلومه ، فكل واحد منهما ليس بمعلوم الكذب واقعا دون الآخر ، فالمعلوم كذبه لا تعين له الا بهذا المقدار ـ أعني : أحدهما ـ ومثله غير معلومه ، فالحجة وغير الحجة هو أحدهما بلا عنوان.

بذلك خرج المورد عن اشتباه مورد الحجة باللاحجة ـ كاشتباه خبر العادل بخبر الفاسق ـ إذ المعلوم بالإجمال في ذاك المورد له تعين في الواقع يمتاز به عن غيره ، بحيث إذا انكشف كان هو دون غيره ، كخبر زيد مثلا ، فكانت إحدى الخصوصيّتين اللتين يتكفل الدليلان بيانهما ثابتة في الواقع ومنجزة للعلم بها إجمالا ، فلا بد من الاحتياط ـ في مورده ـ وهذا بخلاف ما نحن فيه ، لأن الحجة ليس إلاّ الخبر بعنوان أحدهما ، فكلتا الخصوصيّتين لا منجز عليهما كي يتعين الاحتياط ، لأن كلا منهما غير معلوم الحجية بعنوانه الّذي يكون متعلق العلم الإجمالي.

نعم ، يترتب على الخبر الّذي يكون حجة واقعا نفي الثالث. فنفي الثالث يكون بأحدهما بلا عنوان ، لا بكليهما ، لأن أحدهما ساقط عن الحجية.

وبهذا يتفق مع الشيخ في النتيجة (١).

وللنظر فيما أفاده مجال من وجوه :

__________________

وان كان بكلا الخبرين ، فهو راجع إلى حجيتهما معا ، وهو خلاف مدعاه من سقوط أحدهما عن الحجية.

هذا مع ان الجامع مدلول ضمني للخبرين ، والأخذ بالمدلول التضمني مع سقوط المطابقي عن الحجية لا وجه له للتلازم بينهما في الحجية ، فتدبر جيدا.

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٤٣٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۵۶۱