العموم المجموعي ـ إذ التعبد باليقين بالمجموع ينافي العلم بانتفائه ، والأمر ليس كذلك ، إذ لا يقين بنجاسة المجموع بما هو مجموع ، بل التعبد يكون بنجاسة كل من الإناءين ، لتحقق موضوع الاستصحاب في كلا الطرفين ـ وهو اليقين السابق والشك اللاحق ـ والعلم الإجمالي لا يمنع من جريان كل واحد من الأصلين بخصوصه إذ لا يتنافى معه.
ثم انه بعد هذا تعجب من الشيخ والنائيني في التزامهما بجريان الاستصحاب في مثل ما لو توضأ بمائع مردد بين البول والماء ـ كما أشرنا إليه ـ مع العلم الإجمالي بمخالفة أحد الأصلين للواقع.
إلاّ ان التحقيق عدم ورود شيء مما أفاده على المحقق النائيني بعد إمكان رجوع كلامه قدسسره إلى أحد وجهين :
الأول : ان التعبد باليقين بنجاسة كل من الإناءين وان كان يغاير التعبد باليقين بنجاسة الآخر لتعدد الموضوع خارجا ، إلا انه في الحقيقة يرجع إلى تعبد واحد بنجاسة كلا الإناءين بنحو التعبد بالمجموع ، لا الجمع بين التعبدين ، وهو بهذه الجهة ينافي العلم الإجمالي بطهارة أحدهما وانتفاء المجموع.
ونظير ذلك ما يقال في منع الجمع بين طلب المهم وطلب الأهم ، بأنه يرجع في الحقيقة إلى طلب الجمع فيكون من طلب الضدين ، وان كان بحسب الظاهر من الجمع بين الأمرين ، كما أشار (١) إلى ذلك بقوله : « ان هذا وان لم يكن من طلب الجمع بحسب الظاهر في نفي إلاّ انه بحسب النتيجة والواقع مرجعه إلى ذلك » ويشهد لذلك مراجعة الوجدان في الأمور التكوينية ، فان العلم بوجود زيد والعلم بوجود عمرو يرجع في الحقيقة إلى العلم بوجودهما ويرجع إلى ذلك.
__________________
(١) من هنا يتضح وهن ما جاء في تقريرات بحث السيد البروجردي رحمهالله من ان نكتة رجوع ذلك إلى طلب الجمع مما لم تدركها افهام من كان سابقا. فلاحظ.