__________________
وفيه : ما تقدم في مناقشة صاحب الكفاية عند البحث في تقدم الأمارة على الاستصحاب فراجع.
وقد يوجه كلام الشيخ رحمهالله بان الأصل السببي يحقق موضوع دليل الحكم الثابت لمجراه فيكون هو الحكم ، وهو المقدم على الأصل المسببي لا الأصل.
وهذا مما لا تأباه عبارته ، ولعله مأخذ ما ذكره صاحب الكفاية من إجزاء الأمر الظاهري الجاري في تحقيق متعلق التكليف كأصالة الحل والطهارة واستصحابهما.
وقد أورد على هذا الالتزام بإيرادات متعددة عمدتها ان مقتضاه الحكم بطهارة المغسول بالماء المستصحب الطهارة ولو انكشف بعد ذلك انه نجس وهو مما لا يلتزم به أصلا. وفي مراجعة مبحث الاجزاء فائدة.
ثم ان هذا الوجه يختص بما إذا كان مجرى الأصل السببي حكما شرعيا قابلا للجعل بنفسه كالطهارة والحلية ونحوهما. ولا يتأتى فيما إذا كان مجراه موضوعا تكوينيا كالعدالة والحياة ، لعدم ثبوته به حقيقة حتى يمكن تطبيق الدليل. فانتبه.
وبالجملة : فما أفاده الشيخ رحمهالله في الوجه الثاني غير تام.
وأما ما ذكر في الوجه الثالث : فقد تصدى قدسسره لمناقشته بما لا يخلو عن إشكال.
والتحقيق في مناقشته : ان قلة المورد لا تعد محذورا إذا لم يساعد الدليل على العموم ، فأي ضرر في أن يكون الاستصحاب قاعدة في موارد خاصة.
وإن كان مراد المستدل ان ذلك يتنافى مع مورد الرواية ، حيث ان موردها إجراء الاستصحاب في الموضوع وهو الطهارة. ففيه : انه يمكن ان لا يكون المنظور في النص إجراء الاستصحاب في نفس الطهارة والوضوء ، بل في عدم وجوب الوضوء كما هو مورد السؤال ، فالمستصحب هو المسبب رأسا لا السبب. ومما يؤيد عدم تقدم الأصل السببي على المسببي انه لم يتصد في النص إلى إجراء الاستصحاب في السبب وهو عدم الرافع ، وهو النوم.
وأما ما ذكره في الوجه الرابع ، ففيه : ان الاشتغال لا يكون مجرى للاستصحاب كما تقدم بيانه في مبحث الأقل والأكثر ، والأصل المسببي في مورد الرواية هو الأصل الجاري في نفي وجوب الوضوء وهو يوافق الأصل السببي ، وقد تقدم إمكان كون المنظور في الرواية هو جريان الأصل في المسبب رأسا.