__________________
ولهذا الفرع صورتان : إحداهما : ان يعلم بأنه لم يتوضأ بعد الاستصحاب وانما يتمحض احتمال الصحة باحتمال الطهارة الواقعية ، والأخرى : ان يحتمل أنه توضأ بعد الاستصحاب كما يحتمل ان يكون غفل وصلى بدون وضوء رافع للحدث الثابت بالاستصحاب.
وقد التزم المحقق النائيني بجريان قاعدة الفراغ في الصورة الثانية دون الأولى ، ووجّه جريانها بان حكم استصحاب الحدث لا يزيد على حكم اليقين الوجداني به ولا شك انه مع اليقين بالحدث قبل الصلاة ثم شك بعد الصلاة في أنه توضأ ثم صلى أو غفل وصلى تجري في حقه قاعدة الفراغ ، فكذلك ما إذا كان مستصحب الحدث.
وأما عدم جريانها في الصورة الأولى ، فلأجل الاستصحاب الجاري قبل العمل وعدم احتمال انتقاضه ، وقاعدة الفراغ ناظرة إلى الاستصحاب الجاري بعد العمل بلحاظ الشك الحاصل بعد العمل ، ولا نظر لها إلى الاستصحاب الجاري قبل العمل بلحاظ الشك الحاصل قبل العمل.
وقد ناقشه المحقق العراقي : بأنه لا وجه للتفكيك بين الصورتين ، فإن القاعدة لا تجري في كلتا الصورتين ، وذلك لأن المعتبر في القاعدة ان لا يكون الشك في الصحة مسبوقا بشك آخر قبل العمل من سنخه أو غير سنخه. وبما ان الشك في كلتا الصورتين مسبوق بشك آخر قبل العمل لم يكن من موارد القاعدة.
كما انه ناقش ما أفاده في الصورة الأولى من عدم حكومة قاعدة الفراغ على الاستصحاب الجاري قبل العمل ، بان الاستصحاب بما أنه حكم مجعول بلحاظ التنجيز والتعذير فلا يجري إلا مع الالتفات ، اما مع الغفلة كما هو المفروض فيما نحن فيه فلا مجال لتأثيره لامتناع التنجيز في حق الغافل ، إذن فلا استصحاب أثناء العمل كي يكون مقدما على قاعدة الفراغ.
أقول : قد تقدم منا تقريب جريان استصحاب الحدث مع الغفلة ببيان : ان الاستصحاب إنما يتكفل التنجيز في الأحكام التكليفية دون الوضعيّة كالحدث والطهارة والملكية والزوجية ونحو ذلك ، فلا مانع من جريانه مع الغفلة ، فكما أن وجودها الواقعي لا يرتفع بالغفلة كذلك وجودها الظاهري ، ولذا تترتب آثار الملكية ونحوها من الأحكام الوضعيّة مع الغفلة عنها.
وأما ما أفاده في مناقشة جريان قاعدة الفراغ في الصورة الثانية ، من عدم جريان قاعدة الفراغ في الشك المسبوق بشك آخر من سنخه أو من غير سنخه.