بان رواية إسماعيل لما كانت واردة في مقام التحديد ، فهي كما تدل على تحديد الغير بالغير المترتب شرعا كذلك تدل على تحديد موضوع الشك والغير بالجزء الشرعي ، بحيث يكون كل من المشكوك المتعبد به والغير الداخل فيه جزء للعمل ، فلا تشمل القاعدة ما كان الشك في جزء مع الدخول في غير الجزء المترتب كالتسليم والتعقيب. ولو تنزل عن ظهورها في ذلك ، فلا أقل من احتماله ومع احتمال ذلك يلزم إجمال العموم المذكور في الذيل من هذه الجهة ، لاحتفافها بما يصلح للقرينية ، فلا يصح التمسك به على التعميم ، بل يقتصر فيه على القدر المتيقن ، وهو ما ذكرناه من كون المشكوك والمدخول فيه جزءين لعمل واحد.
والجواب : منع ظهورها في ذلك ، فانه لا دلالة في الكلام على ذلك كي يؤخذ به بمقتضى مفهوم التحديد. وأما احتماله فهو وان كان موجبا لإجمال العام المذكور في الذيل ، إلاّ ان ذلك لا يضر بالتعميم لعموم رواية زرارة ، وإجمال رواية إسماعيل لا يضير بظهور عموم رواية زرارة في التعميم.
الرابع : ان يكون الشك فيه بعد الدخول في المنافي المطلق ـ أعني : العمدي والسهوي ـ كالاستدبار والحدث.
ولا إشكال في عدم جريان قاعدة التجاوز لو التزم باعتبار الدخول في الغير المترتب ، لأن المنافي غير مترتب كما لا يخفى.
وأما مع الالتزام بكفاية الدخول في مطلق الغير ، فلا مانع من جريان القاعدة فيه لصدق التجاوز المسامحي بالملاك السابق الذّكر.
وقد بنى السيد الخوئي على عدم جريانها ، لعدم صدق التجاوز عن المحل لأن التسليم غير مأخوذ سابقا على المنافي (١).
ولكنه يرد عليه ما عرفت من عدم اعتبار صدق التجاوز عن المحل ، بل ليس
__________________
(١) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٣ ـ ٢٩٣ ـ الطبعة الأولى.