المجاز إلى الكلمة لا الإسناد ، فانه بذلك لا اختلاف بين النسبتين ، فيمكن تكفل دليل واحد لحكمهما معا.

وبهذا جميعه تبين انه لا مانع ثبوتا من الجمع بين القاعدتين ووحدتهما ، إذ لم يتم شيء من هذه المحذورات المذكورة كما عرفت.

وفي قبال القول بعدم إمكان وحدتهما ثبوتا القول بلا بدية وحدتهما ثبوتا ، ورجوع قاعدة الفراغ إلى قاعدة التجاوز. بتقريب : ان الشك في صحة العمل ينشأ دائما عن الشك في وجود جزء أو شرط في ذلك العمل باعتبار ان الصحة عبارة عن الوصف الانتزاعي المنتزع عن مطابقة المأتي به للمأمور به. وقاعدة التجاوز تتكفل إلغاء الشك في وجود الشيء بعد تجاوز محله ، فيرتفع الشك في الصحة تعبدا ، فاعتبار قاعدة الفراغ على هذا يكون لغوا (١).

ولكنه محل نظر ، لأن قاعدة الفراغ تجري في موارد لا تجري فيها قاعدة التجاوز ، كما لو شك بعد الفراغ من الصلاة في تحقق الموالاة بين حروف الكلمة أو كلمات الآية ، فان مثل هذا الموالاة لا تعد عرفا وجودا مستقلا يتعلق به الشك ويكون الشك فيه موضوعا للتعبد بإلغائه ، كي يكون الشك فيها من موارد قاعدة التجاوز ، بل الشك فيها يرجع في نظر العرف إلى الشك في صحة الكلمة أو الآية ـ لأنها بنظره من شئونهما وأطوارهما ـ ، ففي مثل هذا المورد لا يكون الشك في صحة الصلاة مسببا عن الشك في وجود شيء كي يكون محكوما بقاعدة التجاوز ومرتفعا بها تعبدا.

وأيضا : يعتبر في قاعدة التجاوز ـ كما سيتضح ـ الدخول في الغير المترتب على المشكوك ، وهذا لا يعتبر في قاعدة الفراغ ، بل المعتبر فيها هو البناء النفسيّ على الانتهاء من العمل ، سواء دخل في الغير أم لم يدخل. وبذلك يتعدد موردهما أيضا

__________________

(١) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٣ ـ ٢٧١ ـ الطبعة الأولى.

۴۵۶۱