والّذي نقله الشيخ عن المحقق الثاني قدسسره هو القول الثاني مستدلا على ذلك بوجهين :
الأول : ان نسبة الأصل إلى العقد نسبة الحكم إلى موضوعه ، لأن مؤداه صحة العقد وموضوعه الشك في الصحة والفساد ، وذلك في مرتبة متأخرة عن تحقق العقد كي يتصف بالصحّة والبطلان. ومع الشك في تحقق بعض أركان العقد يكون الشك في وجود العقد لا في صحته ، فلا مجال لجريان أصالة الصحة.
الثاني : ما ذكره بعنوان التفريع على دعواه ، ولكن الظاهر من تفصي الشيخ عنه انه وجه مستقل ، وهو : الفتوى بتقديم قول من يدعي وقوع المعاملة على الحر فيما لو ادعى أحد المتعاقدين بيع العبد وادعى الآخر بيع الحر. ولو كانت أصالة الصحة جارية في المقام لما توجهت هذه الفتوى.
وأجاب الشيخ عن الأول : بأنه ان كان المراد من وجود العقد وجوده الشرعي ، فهو عين الصحة ، إذ العقد غير المؤثر ليس عقدا شرعا. وان كان المراد منه وجوده العرفي ، فهو متحقق مع الشك ، بل مع القطع بالعدم ، إذ العقد الواقع على الحر عقد عرفا وان كان فاسدا ، فالحال لا يختلف بالنسبة إلى جميع الشروط غير العرفية على كلا التقديرين.
وأما الثاني : فالجواب عنه بما قرره الفقيه الهمداني قدسسره في حاشيته على الرسائل ، وبيانه : ان عدم جريان أصالة الصحة في المورد المذكور ليس من أجل عدم تحقق موضوعها وهو العقد ، وإلاّ للزم ان لا تجري في صورة كون موضوع الدعوى هو الثمن ، بأن ادعى البائع البيع بعبد والمشتري بحر ، لأن نسبة الثمن والمثمن إلى وجود العقد متساوية ، مع انه قد أفتى جملة من الفقهاء بان القول قول مدعي الصحة للأصل. فلا بد ان يرجع تقديم قول مدعي الفساد وعدم إجراء أصالة الصحة في مورد كون الموضوع للدعوى هو المثمن إلى وجه آخر غير ما تخيله المحقق الكركي واستدل به على دعواه.