وضعها يتبدّل بتبدّل نسب النقاط المفروضة على سطحها إلى الخارج عنها تبدّلا متّصلا تدريجيّا.

قالوا (١) : «ولا تقع في سائر المقولات ـ وهي الفعل والانفعال والمتى والإضافة والجدة والجوهر ـ حركة.

أمّا الفعل والانفعال ، فقد اخذ في مفهوميهما التدريج ، فلا فرد آنيّ الوجود لهما ، ووقوع الحركة فيهما يستدعي الانقسام إلى أجزاء آنيّة الوجود (٢) ، وليس لهما ذلك. على أنّه يستلزم الحركة في الحركة (٣).

وكذا الكلام في المتى ، فإنّه لمّا كان هيئة حاصلة من نسبة الشيء إلى الزمان وهي تدريجيّة بتدرّج الزمان ، فلا فرد آنيّ الوجود له حتّى تقع فيه الحركة المنقسمة إلى الآنيّات.

وأمّا الإضافة ، فإنّها انتزاعيّة تابعة لطرفيها ، لا تستقلّ بشيء كالحركة.

وكذا الجدة ، فإنّ التغيّر فيها تابع لتغيّر موضوعها ، كتغيّر النعل أو القدم في التنعّل ـ مثلا ـ عمّا كانتا عليه.

وأمّا الجوهر ، فوقوع الحركة فيه يستلزم تحقّق الحركة من غير موضوع ثابت

__________________

(١) والقائل أكثر من تقدّم على صدر المتألّهين ، فراجع الفصل الثالث من المقالة الثانية من الفنّ الأوّل من طبيعيّات الشفاء ، والمباحث المشرقيّة ١ : ٥٩٣ ـ ٥٩٤ ، وشرح المقاصد ١ : ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، والنجاة : ١٠٦ ـ ١٠٧ ، وكشف المراد : ٢٦٥ ـ ٢٦٦.

(٢) وفيه : أنّ الحركة أمر تدريجيّ ، والتدريجيّ لا يقع نفسه ولا أجزاؤه إلّا في الزمان ، ضرورة أنّ معنى التدريجيّ هو أن تتحقّق أجزاؤه الفرضيّة على سبيل التدرّج الاتّصالي ، فلا محالة يتحقّق نفسه وأجزاؤه في الزمان. فيتبيّن أنّ وقوع الحركة في الشيء يستدعي الانقسام إلى أجزاء تدريجيّ قابل للانقسام إلى غير النهاية ، لا أنّه يستدعي الانقسام إلى أجزاء آنيّة ، كما سيأتي في الفصل الآتي.

(٣) أي : لمّا كان التدريج مأخوذا في ماهيّة مقولة الفعل والانفعال وكانت الحركة أمرا تدريجيّا فلا يعقل أن تقع فيهما الحركة ، وإلّا يلزم وقوع تدريج في التدريج ، وهو محال. وسيأتي الجواب عنه في الفصل الآتي.

۳۳۶۱