كان ذلك تغيّرا في الذاتيّ ، وهو محال.
فلا حركة في مقولة بمعنى التغيّر في وجودها الّذي في نفسها الّذي يطرد العدم عنها ، لأنّ وجود الماهيّة في نفسها هو نفسها.
فإن كانت في مقولة من المقولات حركة وتغيّر فهو في وجودها الناعت من حيث إنّه ناعت ، فإنّ الشيء له ماهيّة باعتبار وجوده في نفسه ، وأمّا باعتبار وجوده الناعت لغيره (١) كما في الأعراض أو لنفسه (٢) كما في الجوهر ، فلا ماهيّة له ، فلا محذور في وقوع الحركة في مقولة.
فالجسم الّذي يتحرّك في كمّه أو كيفه ـ مثلا ـ لا تغيّر في ماهيّته ، ولا تغيّر في ماهيّة الكمّ أو الكيف اللذين يتحرّك فيهما. وإنّما التغيّر في المتكمّم أو المتكيّف اللذين يجريان عليه.
وهذا معنى قولهم : «التشكيك في العرضيّات دون الأعراض» (٣).
ثمّ إنّ الوجود الناعت وإن كان لا ماهيّة له ، لكنّه لاتّحاده مع الوجود في نفسه ينسب إليه ما للوجود في نفسه من الماهيّة ، ولازم ذلك أن يكون معنى الحركة في مقولة أن يرد على المتحرّك في كلّ آن من آنات حركته نوع من أنواع تلك المقولة من دون أن يلبث نوع من أنواعها عليه أكثر من آن واحد ، وإلّا كان تغيّرا في الماهيّة ، وهو محال.
__________________
(١) لا يخفى عليك : أنّ الوجود لغيره مساوق للوجود الناعت. فالأصحّ أن يقول : «وجوده الناعت» أو يقول : «وجوده لغيره».
(٢) أي : وجوده لنفسه.
(٣) هذا القول منسوب إلى المشّائين ، راجع الأسفار ١ : ٤٢٧ ـ ٤٣٢ ، وتعليقات المصنّف قدسسره والحكيم السبزواريّ عليه. وحاصله : أنّه ليس التفاوت في نفس ذات طبيعة مبهمة بذاتها ـ جوهرا كانت أو عرضا ـ ، بل التفاوت في العرضيّ المحمول عليها ، فالتفاوت في العرضيّ كالأسود لا في نفس ذات العرض كالسواد.
وقال المصنّف قدسسره في تعليقته على الأسفار ١ : ٤٢٧ : «والحقّ أنّ الفرق بين العرض والعرضيّ في ذلك ـ مع اشتمالهما جميعا على مفهوم غير مختلف في حدّ مفهوميّته ـ مستصعب جدّا».