ولا مقصودة له. وبمن يدخل بيتا ليستظلّ فيه فينهدم عليه فيموت ، وليس الموت غاية مقصودة للداخل. ويسمّى النوع الأوّل من الاتّفاق : «بختا سعيدا» والنوع الثاني : «بختا شقيّا».
والحقّ أن لا اتّفاق في الوجود.
والبرهان عليه (١) : أنّ الامور الممكنة في وقوعها على أربعة أقسام : دائميّ الوقوع ، والأكثريّ الوقوع ، والمتساوي الوقوع واللاوقوع ، والأقليّ الوقوع.
أمّا الدائميّ الوقوع والأكثريّ الوقوع فلكلّ منهما علّة عند العقل بالضرورة ، والفرق بينهما أنّ الأكثريّ الوقوع يعارضه في بعض الأحيان معارض يمنعه من الوقوع ، بخلاف الدائميّ الوقوع حيث لا معارض له. وإذ كان تخلّف الأكثريّ في بعض الأحيان عن الوقوع مستندا إلى معارض مفروض فهو دائميّ الوقوع بشرط عدم المعارض بالضرورة ، مثاله الوليد الإنسانيّ يولد في الأغلب ذا أصابع خمس ، ويتخلّف في بعض الأحيان فيولد وله إصبع زائدة ، لوجود معارض يعارض القوّة المصوّرة فيما تقتضيه من الفعل ، فالقوّة المصوّرة بشرط عدم المعارض تأتي بخمس أصابع دائما.
ونظير الكلام يجري في الأقليّ الوقوع ، فإنّه مع اشتراط المعارض الخاصّ الّذي يعارض السبب الأكثريّ دائميّ الوقوع بالضرورة ، كما في مثال الإصبع الزائدة ، فالقوّة المصوّرة كلّما صادفت في المحلّ مادّة زائدة تصلح لصورة إصبع على شرائطها الخاصّة ، فإنّها تصوّر إصبعا دائما.
ونظير الكلام الجاري في الأكثريّ الوقوع والأقليّ الوقوع يجري في المتساوي الوقوع واللاوقوع كقيام زيد وقعوده.
فالأسباب الحقيقيّة دائمة التأثير ، من غير تخلّف في فعلها ولا في غايتها.
__________________
(١) كما برهن عليه الشيخ الرئيس في الفصل الثالث عشر من المقالة الاولى من الفن الأوّل من طبيعيّات الشفاء.