قال الشيخ في الشفاء : «لانبعاث هذا الشوق علّة ما لا محالة ، إمّا عادة ، أو ضجر عن هيئة وإرادة انتقال إلى هيئة اخرى ، وإمّا حرص من القوى المحرّكة والمحسّة على أن يتجدّد لها فعل تحريك أو إحساس. والعادة لذيذة ، والانتقال عن المملول لذيذ ، والحرص على الفعل الجديد لذيذ ـ أعني بحسب القوّة الحيوانيّة والتخيّليّة ـ. واللذّة هي الخير الحسّيّ والحيوانيّ والتخيّليّ بالحقيقة ، وهي المظنونة خيرا بحسب الخير الإنسانيّ. فإذا كان المبدأ تخيّليّا حيوانيّا فيكون خيره لا محالة تخيّليّا حيوانيّا ، فليس إذا هذا الفعل خاليا عن خير بحسبه وإن لم يكن خيرا حقيقيّا ـ أي بحسب العقل ـ» (١). انتهى.
ثمّ إنّ الشوق لمّا كان لا يتعلّق إلّا بكمال مفقود غير موجود كان مختصّا بالفاعل العلميّ المتعلّق بالمادّة نوعا من التعلّق فالفاعل المجرّد ليس فيه من مبادئ الفعل الإراديّ إلّا العلم والإرادة ، بخلاف الفاعل العلميّ الّذي له نوع تعلّق بالمادّة ، فإنّ له العلم والشوق والإرادة والقوّة المادّية المباشرة للفعل على ما تقدّم ، كذا قالوا.
__________________
(١) راجع الفصل الخامس من المقالة السادسة من إلهيّات الشفاء.