الفعل (١) لغايته (٢). فهذه مباد ثلاثة غير الإرادة (٣).
أمّا القوّة العاملة فهي مبدأ طبيعيّ لا شعور له بالفعل ، فغايتها ما تنتهي إليه الحركة كما هو شأن الفواعل الطبيعيّة.
وأمّا المبدآن الآخران ـ أعني الشوقيّة والصورة العلميّة ـ فربّما كانت غايتهما غاية القوّة العاملة ، وهي ما تنتهي إليه الحركة ، وعندئذ تتّحد المبادئ الثلاثة في الغاية ، كمن تخيّل الاستقرار في مكان غير مكانه ، فاشتاق إليه ، فتحرّك نحوه واستقرّ عليه. وربّما كانت غايتهما غير غاية القوّة العاملة ، كمن تصوّر مكانا غير مكانه فانتقل إليه للقاء صديقه.
والمبدأ البعيد ـ أعني الصورة العلميّة ـ ربّما كانت تخيّليّة فقط ، بحضور صورة الفعل تخيّلا من غير فكر ، وربّما كانت فكريّة ولا محالة معها تخيّل جزئيّ للفعل. وأيضا ربّما كانت وحدها مبدأ للشوقيّة ، وربّما كانت مبدأ لها بإعانة من الطبيعة كما في التنفّس ، أو من المزاج كانتقال المريض النائم من جانب إلى جانب ، أو من الخلق والعادة كاللعب باللحية.
فإذا تطابقت المبادئ الثلاثة في الغاية ـ كالإنسان يتخيّل صورة مكان ، فيشتاق إليه ، فيتحرّك نحوه ، ويسمّى : «جزافا» ـ كان لفعله بما له من المبادئ غايته. وإذا عقّب المبدأ العلميّ الشوقيّة ـ بإعانة من الطبيعة كالتنفّس ، أو من المزاج كانتقال المريض من جانب أملّه الاستقرار عليه إلى جانب ، ويسمّى : «قصدا
__________________
(١) لا يخفى أنّ الإدراك على وجه كلّيّ لا يدعو الفاعل إلى الفعل ، بل إنّما ينبعث الفاعل إلى الفعل بعد إدراك الفعل جزئيّا ، فلا يدعوه إلى الفعل إلّا التخيّل. واعترف المصنّف رحمهالله بذلك بعد أسطر حيث قال : «وربما كانت فكريّة ولا محالة معها تخيّل جزئيّ للفعل».
(٢) قوله : «لغايته» يشعر بأنّ مجرّد إدراك صورة الفعل لا ينبعث الفاعل إلى الفعل ، بل انّما ينبعثه بعد تصوّر غايته والتصديق بفائدته.
(٣) وفي النسخ : «غير الإراديّة» والصحيح ما أثبتناه ، ويؤيّده قوله : «هو الشوقيّة المنتهية إلى الإرادة».