تنبيه :
قال بعضهم (١) : «إنّ معيار الحكم بالاستحالة في كلّ من البراهين الّتي اقيمت على استحالة التسلسل هو استجماع شرطي الترتّب والاجتماع في الوجود بالفعل في جهة اللانهاية ، ومقتضاها استحالة التسلسل في العلل في جهة التصاعد بأن تترتّب العلل إلى ما لا نهاية له ، لا في جهة التنازل بأن يترتّب معلول على علّته ، ثمّ معلول المعلول على المعلول ، وهكذا إلى غير النهاية.
والفرق بين الأمرين أنّ العلل مجتمعة في مرتبة وجود المعلول ومحيطة به. وتقدّمها عليه إنّما هو بضرب من التحليل ، بخلاف المعلولات فإنّها ليست في مرتبة عللها ، فذهاب السلسلة متصاعدة يستلزم اجتماع العلل المترتّبة بوجوداتها بالفعل في مرتبة المعلول الّذي تبتدئ منه السلسلة مثلا ، بخلاف ذهاب السلسلة متنازلة فإنّ المعلولات المترتّبة المتنازلة لا تجتمع على العلّة الاولى الّتي تبدأ منها السلسلة مثلا» (٢). انتهى كلامه ملخّصا.
__________________
(١) وهو السيّد المحقّق الداماد.
(٢) راجع القبسات : ٣٣٣ ـ ٣٣٤. قال الحكيم السبزواريّ ـ تعليقا عليه ـ : «واعلم أنّ غرض السيّد رحمهالله من هذا التحقيق إمّا أنّ التسلسل إلى جانب المعلول ممتنع بالذات بالبراهين الدالّة على انتهاء الفيض النازل طولا وإن لم يتناه عرضا ولكن لا تجري براهين امتناع التسلسل إلى جانب العلّة ـ من التطبيق والتضايف والحيثيّات وغيرها ـ فيه ، وإمّا أنّه ممكن ذاتا فقط ، وإمّا أنّه ممكن وقوعا.
والثالث ليس بمقصود قطعا ، كيف؟ ولو وقع ذلك لما انتهت سلسلة البسائط إلى الهيولى ولا العوالم الطوليّة إلى عالم الملك ، أما تسمع قول الإشراقيّ حيث قال : «يتنزّل الأنوار القاهرة الأعلون إلى قاهر لا ينشأ منه نور قاهر في الطبقة الطوليّة ، كالأنوار الحسّيّة حيث تصل في الإفاضة إلى نور لا ينشأ منه نور لأجل التنزّلات والإصطكاكات» وقول المشّائيّ بانتهاء العقول إلى العقل العاشر؟
والظاهر أنّ الأوّل أيضا ليس بمقصود ، إذ الدليل إنّما دلّ على انتهاء سلسلة الجواهر البسيطة ، لا على أنّه لا يمكن أن يكون لشيء لازم وللازمة لازم وهكذا إلى غير النهاية ، غايته أنّه لم يقع. فبقي الشقّ الثاني». ـ