محض لا شيئيّة له. فالقدرة المطلقة على إطلاقها ، وكلّ موجود معلول له تعالى بلا واسطة أو معلول معلوله ، ومعلول المعلول معلول حقيقة (١).
ويتفرّع عليه :
أوّلا : أنّ الكثير لا يصدر عنه الواحد ، فلو صدر واحد عن الكثير فإمّا أن يكون الواحد واحدا نوعيّا ذا أفراد كثيرة يستند كلّ فرد منها إلى علّة خاصّة ، كالحرارة الصادرة عن النار والنور والحركة وغيرها ، أو تكون وحدته عدديّة ضعيفة ـ كالوحدة النوعيّة ـ فيستند وجوده إلى كثير ، كالهيولى الواحدة بالعدد المستند وجودها إلى مفارق يقيم وجودها بالصور المتواردة عليها واحدة بعد واحدة ، على ما قالته الحكماء (٢) وقد تقدّم الكلام فيه (٣) ، وإمّا أن تكون للكثير جهة وحدة يستند إليها المعلول ، وإمّا أن يكون الكثير مركّبا ذا أجزاء يفعل الواحد بواحد منها فينسب إلى نفس المركّب.
وثانيا : أنّ المعلول الواحد لا يفعل فيه علل كثيرة ، سواء كان على سبيل الاجتماع في عرض واحد لأنّه يؤدّي إلى التناقض في ذات الواحد المؤدّي إلى الكثرة ، أو كان على سبيل التوارد بقيام علّة عليه بعد علّة (٤) للزوم ما تقدّم من المحذور (٥).
وثالثا : أنّه لو صدر عن الواحد كثير وجب أن تكون فيه جهة كثرة وتركيب يستند إليها الكثير ، غير جهة الوحدة المفروضة ، كالإنسان الواحد الّذي يفعل أفعالا كثيرة من مقولات كثيرة متباينة بتمام الذات.
__________________
(١) بل الكلّ معلول له تعالى بلا واسطة ، فإنّ الواجب تعالى هو العلّة الحقيقيّة ، فكلّ معلول معلول له حقيقة بلا واسطة ، كما مرّ ، وسيأتي في الفصل الرابع عشر من المرحلة الثانية عشرة.
(٢) من الكون والفساد. ولا يخفى أنّ مراده من الحكماء هو الحكماء السابقون على صدر المتألّهين رحمهالله. وأمّا صدر المتألّهين فقال : «إنّ تقويم الصورة الطبيعيّة للجسميّة ليس على سبيل البدل». الأسفار ٥ : ١٥٤ ـ ١٥٦.
(٣) في الفصلين السادس والسابع من المرحلة السادسة.
(٤) قال المحقّق اللاهيجيّ في شوارق الإلهام : ٢١٣ : «وأمّا إذا لم يفرض اجتماعهما بل فرض تبادلهما ابتداء أو تعاقبهما فالمشهور هو الجواز».
(٥) حيث قال : «بيانه ...».