فالعوالم الكلّيّة ثلاثة ، وهي مترتّبة من حيث شدّة الوجود وضعفه ، وهو ترتّب طوليّ بالعلّيّة والمعلوليّة. فمرتبة الوجود العقليّ معلولة للواجب تعالى بلا واسطة وعلّة متوسّطة لما دونها من المثال ، ومرتبة المثال معلولة للعقل وعلّة لمرتبة المادّة والمادّيّات ، وقد تقدّمت إلى ذلك إشارة (١) وسيجيء توضيحه (٢).
فمرتبة الوجود العقليّ أعلى مراتب الوجود الإمكانيّ وأقربها من الواجب تعالى. والنوع العقليّ منحصر في فرد. فالوجود العقليّ ـ بما له من النظام ـ ظلّ للنظام الربّانيّ الّذي في العالم الربوبيّ الّذي فيه كلّ جمال وكمال.
فالنظام العقليّ أحسن نظام ممكن وأتقنه ، ثمّ النظام المثاليّ الّذي هو ظلّ للنظام العقليّ ، ثمّ النظام المادّيّ الّذي هو ظلّ للمثال. فالنظام العالميّ العامّ أحسن نظام ممكن (٣) وأتقنه (٤).
__________________
(١) راجع الفرع الثالث من الفصل الثالث من المرحلة الحادية عشرة.
(٢) في الفصل التاسع عشر من هذه المرحلة.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى : ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ السجدة : ٧.
(٤) إشارة إلى قوله تعالى : ﴿صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ النمل : ٨٨.