كانت علّتها غير الذات كانت واجبة بالغير وينتهي وجوبها بالغير إلى واجب آخر غير الواجب المتّصف بها ، وبراهين وحدانيّة الواجب بالذات تبطله أيضا ، وأيضا كان لازم ذلك حاجة الواجب بالذات في اتّصافه بصفات الكمال إلى غيره ، والحاجة كيفما كانت تنافي وجوب الوجود بالذات ، وأيضا لازمه فقدان الواجب في ذاته صفات الكمال ، وقد تقدّم (١) أنّه صرف الوجود الّذي لا يفقد شيئا من الكمال الوجوديّ.

وأمّا القول الثالث المنسوب إلى الكراميّة ، وهو كون هذه الصفات زائدة حادثة.

ففيه : أنّ لازمه إمكانها واحتياجها إلى العلّة ، وعلّتها إمّا هي الذات ولازمه أن تفيض الذات لنفسها ما هي فاقدة له وقد تحقّقت استحالته ، وإمّا غير الذات ولازمه تحقّق جهة إمكانيّة فيها وانسلاب كمالات وجوديّة عنها وقد تحقّقت استحالته.

وأمّا القول الرابع المنسوب إلى المعتزلة ، وهو نيابة الذات عن الصفات.

ففيه : أنّ لازمه فقدان الذات للكمال وهي فيّاضة لكلّ كمال ، وهو محال.

وبهذا يبطل أيضا ما قيل (٢) : «إنّ معنى الصفات الذاتيّة الثبوتيّة سلب مقابلاتها ، فمعنى الحياة والعلم والقدرة نفي الموت ونفي الجهل ونفي العجز».

وأمّا ما قيل (٣) ـ من كون هذه الصفات عين الذات وهي مترادفة بمعنى واحد ـ فكأنّه من اشتباه المفهوم بالمصداق (٤) ، فالّذي يثبته البرهان أنّ مصداقها واحد ، وأمّا المفاهيم فمتغايرة لا تتّحد أصلا ، على أنّ اللغة والعرف يكذّبان الترادف.

__________________

(١) راجع الفصل الرابع من هذه المرحلة.

(٢) والقائل هو ضرار بن عمرو ، كما في مقالات الإسلاميّين ٢ : ١٥٩ ، والملل والنحل ١ : ٩٠.

(٣) والقائل كثير من العقلاء المدقّقين ، كما في الأسفار ٦ : ١٤٥.

(٤) كذا قال الحكيم السبزواريّ فيما علّق على الأسفار ٦ : ١٤٤ هامش ٢.

۳۳۶۱