واورد عليه الشبهة المنسوبة إلى ابن كمّونة (١) ـ وفي الأسفار (٢) أنّ أوّل من ذكرها الشيخ الإشراقيّ في المطارحات (٣) ثمّ ذكرها ابن كمّونة ، وهو من شرّاح كلامه في بعض مصنّفاته (٤) واشتهرت باسمه ـ بأنّه لم لا يجوز أن تكون هناك ماهيّتان بسيطتان مجهولتا الكنه متباينتان بتمام الذات ويكون قول واجب الوجود (٥) عليهما قولا عرضيّا؟! (٦)
وهذه الشبهة كما تجري على القول بأصالة الماهيّة المنسوب إلى الإشراقيّين تجري على القول بأصالة الوجود وكون الوجودات حقائق بسيطة متباينة بتمام الذات المنسوب إلى المشّائين (٧). والحجّة مبنيّة على أصالة الوجود وكونه حقيقة
__________________
ـ كلّ منهما مركّبا من الجنس والفصل. وأمّا على الثاني فيكون الاختلاف بينهما بالشخص ، بأن يكون كلّ منهما مركّبا ممّا يكون مشتركا بينهما وعارض شخصيّ يمتاز به كلّ واحد منهما عن الآخر ، والتركيب ينافي وجوب الوجود.
(١) قال : «الشبهة المنسوبة إلى ابن كمّونة» ولم يقل : «شبهة ابن كمّونة». والوجه في ذلك أنّ ابن كمّونة ليس أوّل من اعترته هذه الشبهة ، بل هو مقرّرها بأتمّ وجه فاشتهرت باسمه.
قال السيّد الداماد : «وهذا الإعضال معزيّ على ألسن هؤلاء المحدثة إلى رجل من المتفلسفين المحدثين يعرف بابن كمّونة. وليس أوّل من اعتراه هذا الشك ، كيف؟ والأقدمون كالعاقبين قد وكدوا الفصية عنه وبذلوا جهودهم في سبيل ذلك قرونا ودهورا». انتهى كلامه في التقديسات على ما نقله عنه الحكيم السبزواريّ في شرح الأسماء : ٣٧٣.
وقال صدر المتألّهين : «ما ينسب إلى ابن كمّونة وقد سمّاه بعضهم بافتخار الشياطين لاشتهاره بإبداء هذه الشبهة العويصة والعقدة العسيرة الحلّ ، فإنّي قد وجدت هذه الشبهة في كلام غيره ممّن تقدّمه زمانا». راجع الأسفار ١ : ١٣٢ ، وشرح الهداية الأثيريّة : ٢٩١. والمراد من قوله : «ممّن تقدّمه زمانا» هو الشيخ الإشراقيّ كما صرّح به في الأسفار ٦ : ٦٣.
(٢) راجع الأسفار ٦ : ٦٣.
(٣) راجع المطارحات : ٣٩٥.
(٤) وهو كتاب التلويحات ، فراجعه : ٣٧.
(٥) وفي النسخ : «قول الوجود» والصحيح ما أثبتناه أو «قول وجوب الوجود».
(٦) وبتعبير آخر : لم لا يجوز أن نعتقد أنّ كلّ واحد من الواجبين ممتاز عن الآخر بتمام ذاته البسيطة ، ويكون حمل واجب الوجود على كلّ منهما حملا عرضيّا؟!
(٧) وقد أكّد صدر المتألّهين أنّ هذه الشبهة شديدة الورود على القائلين بأصالة الماهيّة واعتباريّة الوجود ، حيث إنّ الأمر المشترك بين الموجودات ليس عندهم إلّا هذا الأمر ـ