في الصورة السابقة ، فإذا أحضرتهما بعد الاختزان لم تفعل فيهما ما كانت تفعله في الصورة السابقة في الماهيّة المكرّرة من الحكم ، لكنّها اعتبرت ذلك (١) فعلا لها ، وهو سلب الحمل المقابل للحمل ، ثمّ نظرت إليه (٢) مستقلّا (٣) مضافا (٤) فتصوّرته سلب المحمول عن الموضوع ، ثمّ مطلقا (٥) فتصوّرته سلبا وعدما ، ثمّ اعتبرت له خواصّ اضطرارا ، كعدم الميز بين الأعدام وتميّزها بالإضافة إلى الموجودات.
وقد تبيّن ممّا تقدّم :
أوّلا : أنّ ما كان من المفاهيم محمولا على الواجب والممكن معا ـ كالعلم والحياة ـ فهو اعتباريّ ، وإلّا كان الواجب ذا ماهيّة ، تعالى عن ذلك.
وثانيا : أنّ ما كان منها محمولا على أزيد من مقولة واحدة ـ كالحركة ـ فهو اعتباريّ ، وإلّا كان مجنّسا بأزيد من جنس واحد ، وهو محال.
وثالثا : أنّ المفاهيم الاعتباريّة لا حدّ لها ، ولا تؤخذ في حدّ ماهيّة جنسا لها ، وكذلك سائر الصفات الخاصّة بالماهيّات كالكلّيّة ، إلّا بنوع من التوسّع.
تنبيه
وللاعتباريّ فيما اصطلحوا عليه معان اخر غير ما تقدّم خارجة من بحثنا :
أحدها : ما يقابل الأصالة ـ بمعنى منشئيّة الآثار بالذات ـ المبحوث عنه في مبحث أصالة الوجود واعتباريّة الماهيّة (٦).
الثاني : الاعتباريّ ـ بمعنى ما ليس له وجود منحاز عن غيره ـ قبال الحقيقيّ الّذي له وجود منحاز ، كاعتباريّة مقولة الإضافة الموجودة بوجود طرفيها ، على
__________________
(١) أي : عدم الحكم وعدم الانطباق.
(٢) أي : إلى سلب الحمل.
(٣) أي : نظرا استقلاليّا.
(٤) أي : المضاف إلى المحمول. فتنظر إلى سلب الحمل مضافا إلى المحمول ، بمعنى أنّها تنتزع مفهوم سلب حمل المحمول على الموضوع.
(٥) أي : ثمّ تنظر إلى سلب الحمل من غير إضافة إلى المحمول ، فتتصوّر السلب ـ وهو العدم ـ على نعت الإطلاق.
(٦) وفي النسخ : «أصالة الوجود والماهيّة» والصحيح ما أثبتناه.