والمشهور أنّ القضيّة الحمليّة الموجبة مؤلّفة من الموضوع والمحمول والنسبة الحكميّة ـ الّتي هي نسبة المحمول إلى الموضوع ـ والحكم باتّحاد الموضوع مع المحمول. هذا في الهليّات المركّبة الّتي محمولاتها غير وجود الموضوع ، كقولنا : «الإنسان ضاحك». وأمّا الهليّات البسيطة الّتي المحمول فيها هو وجود الموضوع ، كقولنا : «الإنسان موجود» فهي مركّبة من أجزاء ثلاثة : الموضوع والمحمول والحكم ، إذ لا معنى لتخلّل النسبة ـ وهي وجود رابط ـ بين الشيء ووجوده الّذي هو نفسه (١).
وأنّ القضيّة الحمليّة السالبة مؤلّفة من الموضوع والمحمول والنسبة الحكميّة السلبيّة ، ولا حكم فيها (٢) لا أنّ فيها حكما عدميّا ، لأنّ الحكم جعل شيء شيئا وسلب الحكم عدم جعله ، لا جعل عدمه.
والحقّ أنّ الحاجة في القضيّة إلى تصوّر النسبة الحكميّة إنّما هي من جهة الحكم بما هو فعل النفس ، لا بما هو جزء للقضيّة. فالنسبة الحكميّة على تقدير تحقّقها خارجة عن القضيّة. وبتعبير آخر : أنّ القضيّة هي الموضوع والمحمول
__________________
ـ ما يظهر من كلام صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ٣٦٥ ـ ٣٧٢.
الرابع : أنّ القضايا الموجبة مركّبة من ثلاثة أجزاء : الموضوع والمحمول والحكم ، سواء كانت هليّات بسيطة أو مركّبة. والقضايا السالبة ـ سواء كانت هليّة بسيطة أو مركّبة ـ مركّبة من جزئين : الموضوع والمحمول. وأمّا النسبة الحكميّة فانّما هي تصاحب القضيّة من جهة كون المحمولات في الهليّات البسيطة موجودة للموضوعات ، فيضطرّ الذهن إلى تصوّر ارتباطها بالموضوعات ، ثمّ يعمّم الذهن ذلك إلى عامّة القضايا غلطا منه. وهذا ما اختاره المصنّف رحمهالله في المقام وتعليقته على الأسفار ١ : ٣٦٦.
(١) فإنّ مفاد الهليّات البسيطة هو الحكم بثبوت الموضوع ، لا ثبوت شيء للموضوع حتّى يتخلّل بينهما النسبة.
(٢) وفيه : أنّ القضيّة لا تتحقّق إلّا بالحكم ، والقول بنفي الحكم في القضايا السالبة ، وأنّ النسبة الحكميّة خارجة عن القضيّة ـ كما قلتم به ـ يستلزم أن تكون القضيّة السالبة مركّبة من جزئين : المحمول والموضوع ، ولم يقل به أحد ، بل هذا حكم بنفي كون القضيّة السالبة قضيّة.