وعدّ هذين القسمين من العلم جزئيّا ممتنع الصدق على كثيرين إنّما هو من جهة اتّصال أدوات الحسّ بمادّة المعلوم الخارجيّ في العلم الحسّيّ وتوقّف العلم الخياليّ على سبق العلم الحسّيّ [في العلم الخياليّ] (١) وإلّا فالصورة العلميّة ـ سواء كانت حسّيّة أو خياليّة أو غيرهما (٢) ـ لا تأبى بالنظر إلى نفسها أن تصدق على كثيرين.
فروع :
الأوّل : ظهر ممّا تقدم أنّ اتّصال أدوات الحسّ بالمادّة الخارجيّة وما في ذلك ـ من الفعل والانفعال المادّيّين ـ لحصول الاستعداد للنفس لإدراك صورة المعلوم جزئيّة أو كلّيّة.
ويظهر منه أنّ قولهم : «إنّ التعقّل إنّما هو بتقشير المعلوم (٣) عن المادّة وسائر الأعراض المشخّصة المكتنفة بالمعلوم حتّى لا يبقى إلّا الماهيّة المعرّاة من القشور ، بخلاف الإحساس المشروط بحضور المادّة واكتناف الأعراض المشخّصة ، وبخلاف التخيّل المشروط ببقاء الأعراض والهيئات المشخّصة دون حضور المادّة» (٤) قول على سبيل التمثيل للتقريب. وحقيقة الأمر أنّ الصورة المحسوسة بالذات صورة مجرّدة علميّة ، واشتراط حضور المادّة واكتناف
__________________
ـ إدراكها إلى الحسّ المشترك ـ : «والحقّ أنّه نوعان بإسقاط الإحساس كما اسقط الوهم ، فإنّ حضور المادّة المحسوسة وغيبتها لا يوجب مغايرة بين المدرك في حال الحضور وعدمه. نعم ، الغالب هو كون الصورة أقوى جلاءا عند النفس مع حضور المادّة ، وربما كان المتخيّل أقوى وأشدّ ظهورا مع عناية النفس به».
(١) وما بين المعقوفين ليس في النسخ ، والصحيح اثباته.
(٢) من الوهميّة والعقليّة.
(٣) أي : بتعرّي المعلوم.
(٤) راجع الأسفار ٣ : ٣٦٠ ـ ٣٦١ ، والتحصيل : ٧٤٥ ـ ٧٤٦ ، وشرح الإشارات ٢ : ص ٣٢٢ ـ ٣٢٤ ، وشرح المقاصد ١ : ٢٢٩ ، والمبدأ والمعاد للشيخ الرئيس : ١٠٢ ـ ١٠٣. وفي الجميع زادوا نوعا آخر من العلم الحصولي غير الحسّيّ والعقليّ والخياليّ ، وهو الوهميّ.