ويقابل الحدوث بهذا المعنى القدم الزمانيّ الّذي هو عدم كون الشيء مسبوق الوجود بعدم زمانيّ ، ولازمه أن يكون الشيء موجودا في كلّ قطعة مفروضة قبل قطعة من الزمان منطبقا عليها.

وهذان المعنيان إنّما يصدقان في الامور الزمانيّة الّتي هي مظروفة للزمان منطبقة عليه ، وهي الحركات والمتحرّكات. وأمّا نفس الزمان فلا يتّصف بالحدوث والقدم الزمانيّين ، إذ ليس للزمان زمان آخر حتّى ينطبق وجوده عليه فيكون مسبوقا بعدم فيه أو غير مسبوق (١).

نعم ، لمّا كان الزمان متّصفا بالذات بالقبليّة والبعديّة (٢) غير المجامعتين كان كلّ جزء منه مسبوق الوجود بعدمه الّذي مصداقه كلّ جزء سابق عليه ، فكلّ جزء

__________________

ـ على وجه الانطباق ، أي يكون واقعا في الزمان على وجه الانطباق ، بحيث يكون كلّ جزء منه واقعا في جزء من الزمان الّذي ينطبق عليه تدريجا ، ولا يكون بجميع أجزائه واقعا في جزء من الزمان كالحركة القطعيّة. و (ثانيهما) ما يكون زمانيّا بنفسه لا على وجه الانطباق ، فيكون هو بجميع أجزائه واقعا في جزء من الزمان وفي جزء آخر وهكذا ، كالحركة التوسّطيّة.

الثاني : ما يكون زمانيّا بأطرافه ، أي يكون واقعا في طرف الزمان دفعا ، وهو الآن ، كالآنيّات ، مثل : الوصول والترك والاتّصال والانفصال.

إذا عرفت هذا ، فنقول : لا وجه لاختصاص الحدوث الزمانيّ بما إذا كان وجود الشيء تدريجيّا منطبقا على قطعة من الزمان. كيف والزمانيّ أعمّ من الأقسام الثلاثة؟

(١) لا يخفى أنّ كلمات المصنّف رحمه‌الله في ثبوت القديم الزمانيّ وقدم الزمان مضطربة جدّا.

ذهب في المقام إلى ثبوت القديم الزمانيّ وقال : «وهذان المعنيان إنّما يصدقان فى الامور الزمانيّة الّتي هي مظروفة للزمان منطبقة عليه وهي الحركات والمتحرّكات». وأنكر ثبوته في تعليقته على الأسفار ٣ : ٢٤٦ ، حيث قال : «وأمّا القديم الزمانيّ فغير متحقّق الوجود البتّة».

وأنكر في المقام اتّصاف نفس الزمان بالقدم والحدوث الزمانيّين. وأثبت اتّصافه بالقدم الزمانيّ في بداية الحكمة : ١٤٧ ، حيث قال : «القدم الزمانيّ وهو عدم مسبوقيّة الشيء بالعدم الزمانيّ ، كمطلق الزمان الّذي لا يتقدّمه زمان ولا زمانيّ ، وإلّا ثبت الزمان من حيث انتفى ، هذا خلف».

(٢) وفي النسخ : «متّصفا بالذات بالقبليّة والبعديّة بالذات» والصحيح ما أثبتناه.

۳۳۶۱