الزمان ، كالنقطة الّتي هي طرف الخطّ ، وهو أمر عدمي حظّه من الوجود انتسابه إلى ما هو طرف له.

ومن هنا يظهر أنّ تتالي الآنات (١) ممتنع ، فإنّ الآن ليس إلّا فاصلة عدميّة بين قطعتين من الزمان ، وما هذا حاله لا يتحقّق منه اثنان (٢) إلّا وبينهما قطعة من الزمان.

الرابع : أنّ الأشياء في انطباقها على الزمان مختلفة ، فالحركة القطعيّة منطبقة على الزمان بلا واسطة ، واتّصاف أجزاء هذه الحركة بالتقدّم والتأخّر ونحوهما بتبع اتّصاف أجزاء الزمان بذلك. وكل آنيّ الوجود من الحوادث كالوصول والترك والاتّصال والانفصال منطبق على الآن ، والحركة التوسّطيّة منطبقة عليه بواسطة القطعيّة.

وتبيّن أيضا أنّ تصوير التوسّطيّ من الزمان ـ وهو المسمّى بالآن السيّال (٣) الّذي يرسم الامتداد الزمانيّ ـ تصوير وهميّ مجازيّ ، كيف؟ والزمان كمّ منقسم بالذات ، وقياسه إلى الوحدة السارية الّتي ترسم بتكرّرها العدد والنقطة السارية الّتي ترسم الخطّ في غير محلّه ، لأنّ الوحدة ليست بالعدد ، وإنّما ترسمه بتكرّرها لا بذاتها ، والنقطة نهاية عدميّة ، وتألّف الخطّ منها وهميّ.

الخامس : أنّ الزمان ليس له طرف موجود بالفعل ـ بمعنى جزء هو بدايته أو نهايته ، لا ينقسم في امتداد الزمان ـ وإلّا تألّف المقدار من أجزاء لا قدر لها وهو الجزء الّذي لا يتجزّى ، وهو محال. وإنّما ينفد الزمان بنفاد الحركة المعروضة (٤)

__________________

(١) وهو اجتماع حدّين عدميّين أو أكثر ، من غير تخلّل جزء من الزمان فاصل بينها.

(٢) أو أكثر.

(٣) وهو بسيط غير منقسم بالذات.

(٤) أي : الحركة الّتي معروضة للتصرّم والتقضّي. بيان ذلك : أنّه لا ريب في أنّ الحركة والزمان متصرّمان متقضّيان. إنّما الخلاف في أنّ التقضّي في كلّ منهما هل هو ذاتيّ أو أنّه في أحدهما ذاتيّ وفي الآخر عرضيّ؟ وعلى الثاني هل التقضّي ذاتيّ في الحركة وعرضيّ في الزمان أو هو عرضيّ في الحركة وذاتيّ في الزمان؟

أمّا الأوّل : فلا قائل به كما لا قائل بعرضيّته فيهما. ـ

۳۳۶۱