معلولاتها ، فهي إنّما تفعل في الخارج من نفسها. ففاعل لازم الوجود فاعل ملزومه ، وهو جوهر مفارق للمادّة جعل الصورة ولازم وجودها جعلا واحدا وأقام بها المادّة.
وإن كانت الحركة عرضيّة والعرض مفارقا ، كان الفاعل القريب للحركة هو الطبيعة (١) ، بناء على انتساب الأفعال الحادثة عند كلّ نوع جوهريّ إلى طبيعة ذلك النوع (٢).
وتفصيل القول : أنّ الموضوع إمّا أن يفعل أفعاله على وتيرة واحدة ، أو لا على وتيرة واحدة. والأوّل هو الطبيعة المعرّفة بأنّها مبدأ حركة ما هي فيه وسكونه. والثاني هو النفس المسخّرة لعدّة طبائع وقوى تستعملها في تحصيل ما تريده من الفعل. وكلّ منهما إمّا أن يكون فعله ملائما لنفسه بحيث لو خلّي ونفسه لفعله (٣) وهو «الحركة الطبيعيّة» ، أو لا يكون كذلك كما يقتضيه قيام مانع مزاحم وهو «الحركة القسريّة».
وعلى جميع هذه التقادير فاعل الحركة هي الطبيعة (٤). أمّا في الحركة الطبيعيّة ، فلأنّ الطبيعة إنّما تنشئ الحركة عند زوال صورة ملائمة أو عرض (٥) هيئة منافرة ، تفقد بذلك كمالا تقتضيه ، فتطلب الكمال ، فتسلك إليه بالحركة ، ففاعلها الصورة
__________________
(١) لا يخفى أنّه لا مجال للتفصيل بين الحركة الجوهريّة والحركة العرضيّة ، بناء على كون الأعراض من مراتب وجود الجواهر.
(٢) لا يخفى عليك : أنّ انتساب الأفعال الحادثة إلى الطبيعة مردود ، لأنّه لا مؤثّر في الوجود بحقيقة معنى الكلمة إلّا الله تبارك وتعالى ، كما مرّ تفصيله في الفصل الثامن من المرحلة الثامنة ، ولعلّه قال المصنّف رحمهالله : «بناء على انتساب ...».
(٣) وفي النسخ : «إمّا أن يكون فعلها ملائما لنفسها بحيث لو خلّيت ونفسها لفعلته» والصحيح ما أثبتناه.
(٤) الحقّ أنّ فاعلها هو المؤثّر الحقيقيّ ، أي الله تبارك وتعالى. وأمّا الطبيعة وغيرها فليست إلّا معدّات ، كما مرّ.
(٥) وفي النسخ : «عروض» ولكن لا تساعد عليه اللغة.