لانتزاعها ، وإنّه لو تجرّد عن المادّة وتقرّر وحده لم تبطل بذلك حقيقة النوع». والأمر على هذا القياس في كلّ صورة لاحقة بعد صورة.

ومن هنا يظهر :

أوّلا : أنّ الحركة في القسم الثاني بسيطة. وأمّا في القسم الأوّل فإنّها مركّبة ، لتغيّر الموضوع في كلّ حدّ من الحدود ، غير أنّ تغيّره ليس ببطلان الموضوع السابق وحدوث موضوع لاحق ، بل بطريق الاستكمال (١). ففي كلّ حدّ من الحدود تصير فعليّة الحدّ وقوّة الحدّ اللاحق معا قوّة لفعليّة الحدّ اللاحق.

وثانيا : أن لا معنى للحركة النزوليّة بسلوك الموضوع من الشدّة إلى الضعف ومن الكمال إلى النقص ، لاستلزامها كون فعليّة مّا قوّة لقوّتها (٢) كأن يتحرّك الإنسان من الإنسانيّة إلى الحيوانيّة ومن الحيوانيّة إلى النباتيّة ، وهكذا. فما يتراءى

__________________

(١) فلا تركيب إلّا بتحليل العقل.

(٢) وهو محال ، فإنّه يستلزم أن يكون الشيء الواحد واجدا لكمال وفاقدا له في آن واحد ، وهو من اجتماع المتقابلين.

وقال الحكيم السبزواريّ في تعليقته على الأسفار ٣ : ٨١ : «فإنّ لازمها خروج الشيء من الفعل إلى القوّة. والحركة خروج من القوّة إلى الفعل تدريجا».

ويلاحظ عليهما : أنّ سلوك الموضوع من الشدّة إلى الضعف ومن الكمال إلى النقص لا يستلزم كون فعليّة قوّة لقوّتها ولا كونه خروج الشيء من الفعل إلى القوّة. وذلك لأنّ للموضوع في كلّ حدّ من الحدود فعليّة وقوّة ، فله فعليّة الحدّ الواقع فيه وقوّة الحدّ الآخر ، فللنطفة ـ مثلا ـ فعليّة بالنسبة إلى الحدّ الواقع فيه ـ وهي حدّ النطفيّة ـ وقوّة بالنسبة إلى غير ذلك الحدّ ، أعمّ من الحدّ السابق على فعليّته ـ أي حدّ النباتيّة مثلا ـ والحدّ الآخر اللاحق لها ـ أي حدّ الإنسانيّة ـ. فالذي يكون قوّة للنقص في سلوك الموضوع من الكمال إلى النقص ليس فعليّة الموضوع الكامل ، بل هو قوّته المقارنة لفعليّته.

ومن هنا يظهر أنّ سلوك الموضوع الكامل إلى النقص ليس من خروج الشيء من الفعل إلى القوّة ، بل هو خروجه من القوّة إلى الفعل ، غاية الأمر قد يخرج الشيء من القوّة إلى الفعليّة اللاحقة ، وقد يخرج من القوّة إلى الفعليّة السابقة على فعليّته هذه.

وفي النسخ : «قوّة لقوّته» والصحيح ما أثبتناه. والضمير يرجع إلى فعليّة مّا.

۳۳۶۱