الاعتبارية ، أو باعتبار ان الضمان وإن كان بالتدقيق العقلي تداركا للضرر إلاّ انه بالنظر العرفي المسامحي نفي له ولو بمرتبة من مراتبه.
ويرد على الثاني ان التلف السماوي لا يتم فيه شيء من التقريبين السابقين إذ ليس التلف له انتساب إلى الحكم الشرعي في المقام أصلا ، وليس تداركه من بيت المال إرجاعا له ونفيا للضرر بل مجرد فضل على من تلف منه المال وإحسان عليه.
ويرد على الإشكالين معا ما أشرنا إليه من انا لو سلمنا عدم انطباق القاعدة على باب الضمان لكونه تداركا للضرر لا نفيا له فهذا لا يستدعي عدم عموم القاعدة وشمولها للأحكام الترخيصية العدمية كعدم حرمة الإضرار مثلا.
بل ظاهر القاعدة في حديث الشفعة ومنع فضل الماء ان التطبيق كان بلحاظ الحكم العدمي الترخيصي حيث استخرج منها حرمة منع الماء وثبوت حق الشفعة للشريك ، بل الأمر في قصة سمرة بن جندب أيضا كذلك إذا كان التطبيق بلحاظ ( لا ضرر ) لا ( لا ضرار ) فان الضرري ليس هو أصل الحق في الدخول بل جواز عدم الاستئذان والترخيص فيه فيرتفع ويثبت حرمة الدخول بلا استئذان.
ثم ان للمحقق الأصفهاني ( قده ) كلاما في تطبيق القاعدة في باب الضمان لإثبات الضمان فيمن أتلف مال الغير سهوا مثلا حاصله : ان القاعدة انما تنفي إطلاق الحكم الضرري كوجوب الوضوء إذا استلزم ضررا لا الحكم الّذي يكون من أصله ضرريا ، وعدم الضمان في مورد التلف أصله ضرري لا ان إطلاقه وقسما منه ضرري لكي يرفع بلا ضرر.
وفيه : مضافا إلى ما تقدم من ان القاعدة ناظرة إلى الشريعة ككل ويحكم عليها لا إلى كل فرد فرد من الأحكام مستقلا ، ان دائرة عدم الضمان تتحدد بتحديد دائرة الضمان فإذا كان الشارع قد حكم بالضمان في مورد الإتلاف العمدي فيكون موضوع عدم الضمان ما لم يكن كذلك بان تلف بلا عمد أو بتلف سماوي أو لم يتلف أصلا ، وهذا الحكم العدمي أصله ليس ضرريا بل إطلاقه لصورة الإتلاف غير العمدي هو الضرري فيرفع بالقاعدة.