في طول وضع عرف القيام مثلا من أجل تعظيم القادم ، أو وضع لفظ للدلالة على معنى معين يتحقق التعظيم بالقيام والدلالة باستعمال ذلك الوضع حقيقة ، لأن التعظيم لا يراد به إلاّ إظهار الاحترام بمبرز ما ، والدلالة لا يراد بها إلاّ الاقتران بين اللفظ والمعنى تصورا ، وكلاهما يمكن ان يحصل بالتواضع والإنشاء حقيقة. وفي مثل هذا النوع من الافراد العنائية لا إشكال في شمول إطلاق الدليل لافراده المتجددة بعد زمن المعصوم أيضا لكونها افرادا حقيقية للمعنى نظير إيجاد مصداق للماء بعلاج لم يكن متيسرا في زمن المعصوم فإنه مشمول أيضا لإطلاق دليل المطهرية.
الثالث ـ ان تكون فردية الفرد إنشائية ولكنها مختصة بعرف خاص لكونها في طول إمضاء العرف وقبوله لذلك الأمر الإنشائي أو الاعتباري وليس كما في القسم السابق ، وهذا نظير عنوان الضرر فانه عبارة عن النقص الحقيقي أو الاعتباري لملك أو حق عند عرف يعتبر الملكية أو الحقية في ذلك المورد ، فانه بمنظار ذلك العرف يكون نقصه ضررا بخلاف منظار عرف لا يعتبر ذلك الحق.
وفي هذا القسم من الافراد الاعتبارية لا يشمل إطلاق الدليل إلاّ ما يكون مصداقا للعنوان عند الشارع أي في الموارد التي تكون تلك الاعتبارات المحققة للعنوان ممضاة من قبل الشارع نفسه ، وهذا يختص لا محالة بالافراد العنائية للعنوان المتواجدة في عصر الشارع حيث يكون نفس إطلاق الدليل أو سكوت الشارع إمضاء لها ، واما الإضرار العنائية المستجدة بعد عصر التشريع فلا يشمله إطلاق الدليل إذ لا ينعقد إطلاق لشمولها لا لفظا ولا مقاما كما لا يخفى.
ومنه يعرف حال قاعدة لا ضرر ، فانها لا يمكن ان تشمل كافة مصاديق الضرر العنائية المستجدة في العصور المتأخرة إلاّ في حدود ما يحرز قبول الشارع لثبوت الحق فيها ، بل حتى إذا افترضنا الإطلاق اللفظي في لا ضرر لمثل هذه الإضرار كان لا بد من تقييد مفادها بما كان في عصر الشارع ضررا لا أكثر ، إذ من الواضح ان حكم الشارع ليس تابعا لأحكام العقلاء دائما وأبدا فان هذا لا بد وان يكون على أساس أحد امرين كلاهما يقطع بخلافه وخلاف ظاهر الخطابات.
أحدهما ـ ان يكون مجرد حكم العقلاء كافيا لحكم الشارع لأن مطابقة حكم العقلاء بما هو تمام الموضوع لحكم الشارع ، وهذا يقطع بعدمه.