فما ذكر من التوضيح لا ينفي صحة استنادهم إلى القاعدة في نفي وجوب الوضوء الضرري في حال العلم بأصل الوجوب.

وثانيا ـ ان ثبوت وجوب الوضوء الضرري للجاهل بوجوب الوضوء بالخصوص اما غير معقول ـ كما ذهب إليه المحقق الأصفهاني ( قده ) ـ أو غير عرفي على الأقل فيكون دليل نفي وجوبه للعالم به دالا على نفيه مطلقا حتى عن الجاهل بوجوبه كما هو واضح.

ومنها ـ الخيارات التي استند في إثباتها الأصحاب إلى قاعدة لا ضرر كخيار الغبن والعيب وتبعيض الصفقة ، مع ان هذا الاستناد منهم لا يعدو ان يكون من قبيل التعليل بعد الوقوع لأن تبعيض الصفقة ليس فيه ضرر مالي على المشتري لكي يوجب الخيار عليه غايته انتفاء الغرض والداعي إذا كان متعلقا بمجموع الصفقة وتخلفه شايع من غير ان يوجب الخيار للمشتري. على ان غاية ما يقتضيه لا ضرر في هذه الموارد نفي اللزوم المستوجب للضرر مع ان الثابت عندهم حق الخيار للمشتري القابل للإسقاط والإرث وغير ذلك ، وهذه الحيثيات أيضا لا يمكن استفادتها من القاعدة لو كانت هي المدرك عند الأصحاب.

ويرد عليه : أولا ـ ان ما ذكر من عدم وجود ضرر مالي في مثل تبعيض الصفقة انما يمنع عن التمسك بلا ضرر فيما إذا ادعى إرادة خصوص الضرر المالي منه ، واما إذا أُريد الأعم من ذلك بنحو يشمل الإضرار العقلائية فلا إشكال في ان إلزام المشتري ببعض الصفقة إضرار عليه عرفا فيكون مشمولا للقاعدة لا محالة.

وثانيا ـ ما ذكره من عدم إمكان إثبات الجواز الحقي بلا ضرر غير تام ، اما بدعوى ان المجعول عقلائيا في أمثال المقام هو الحق فيعتبر سلبه عنه ضرريا ، أو دعوى ترتيب آثار الحقية من السقوط بالإسقاط والإرث ، اما السقوط فبدعوى ان رضى المشتري بلزوم المعاملة والتزامه به كرضاه بالبيع من أول الأمر إذا كان عالما بالغبن أو العيب فيكون من قبيل الضرر المقدم عليه غير مشمول للقاعدة ، واما الإرث فبدعوى ان دليل الإرث يشمل كل ما يبذل بإزائه مال عرفا لأنه يكون مما تركه الميت ومع قابلية الجواز المذكور للإسقاط يصح بذل المال بإزائه فيكون مشمولا لإطلاق أدلة الإرث (١).

__________________

(١) ويمكن ان يكون مدرك الأصحاب في إثبات الخيار الحقي الارتكاز العقلائي الممضى شرعا أو الشرط الضمني غير المصرح به.

۵۲۴۱