وثانيا ـ لو فرض العلم بإباحة أخرى طارئة مع ذلك لا استحالة في تقدمها على النهي ولا يلزم من ذلك اجتماع إباحتين لأن الإباحة المفادة بالحديث والمغياة بصدور النهي إباحة ظاهرية بحسب الفرض وليست واقعية فهي كما تجتمع مع الحرمة الواقعية كذلك تجتمع مع الإباحة كذلك.
ثم ان صاحب الكفاية بعد ان علق على الاستصحاب بما تقدم حاول إثبات البراءة في موارد توارد الحالتين بالإجماع المركب وعدم القول بالفصل في البراءة بين حالات عدم التوارد وحالات التوارد فاستشكل فيه بان هذا التعدي غير ممكن لأن المدرك للبراءة هو الاستصحاب.
وهذا الإشكال أيضا له تفسيران :
أحدهما : ما نفهمه نحن من عدم إمكان التعدي على أساس الإجماع لأن البراءة انما تثبت في موارد عدم التوارد بالاستصحاب المنقح لموضوع البراءة ولم تثبت البراءة في الشبهة بدليل اجتهادي لكي يضم إليه عدم القول بالفصل بين مورد ومورد ، وهذا هو الفرق بين محل الكلام وبين ما نقض به المحقق الأصفهاني ( قده ) في المقام من التعدي في البراءة عن الشبهات التحريمية إلى الوجوبية بعدم القول بالفصل.
ثانيهما ـ ما أفاده المحقق الأصفهاني ( قده ) من ان الإجماع قائم على انه إذا جرت البراءة في شبهة جرت في سائر الشبهات ولم تجر هنا البراءة بل الاستصحاب ، وكأنه يرى ان المراد بالإطلاق في الحديث الإباحة الواقعية المغياة بصدور النهي والاستصحاب حكم ظاهري ببقاء تلك الإباحة فليس في البين براءة تثبت لا بدليل اجتهادي ولا فقاهتي فلا موضوع للإجماع وعدم القول بالفصل ، نعم لو كان هناك إجماع على عدم الفصل بين مطلق التأمين في شبهة حكمية وسائر الشبهات لزم التعدي الا انه من الواضح فساد مثل هذه الدعوى.
هذا تمام الكلام في مفاد الحديث.
واما سنده ، فهو ساقط بالإرسال لأنه قد نقله الصدوق ( ره ) بعنوان قال الصادق ، والمختار عندنا سقوط المراسيل سواء كان بعنوان قال المعصوم عليهالسلام الظاهر في تعهد الناقل بصدوره أم بعنوان روي عنه.