قيل بعدم انحلاله لا حقيقة ولا حكما مع ذلك لا تنجيز له في المقام للأكثر لعدم تشكل علم إجمالي منجز هنا لأن التردد بين الأقل والأكثر والعلم الإجمالي انما يحصل هنا للناسي بعد ارتفاع النسيان والمفروض انه قد أتى بالأقل في حالة النسيان وهذا يعني انه يحصل بعد امتثال أحد طرفيه وخروجه عن محل الابتلاء وحصول مثل هذا العلم الإجمالي لا يكون منجزا حتى إذا كان التردد فيه بين المتباينين فضلا عن الأقل والأكثر (١) نعم لو تذكر في الأثناء فقد يتشكل علم إجمالي منجز سوف نتحدث عنه.
واما الدعوى الثانية ـ فلان ما توهم من انه بناء على استحالة تكليف الناسي يكون الشك في المسقط وهو مجرى للاشتغال يرد عليه :
أولا ـ انه من الشك في التكليف أيضا لأن الأقل الصادر من الناسي إذا كان وافيا بملاك الواجب تقيد وجوب الأكثر لا محالة بما إذا لم يأت المكلف بالأقل نسيانا بنحو شرط الوجوب من أول الأمر فيكون من الشك في أصل حدوث التكليف وهو مجرى البراءة.
وثانيا ـ لو افترضنا ان شرطية عدم الإتيان بالأقل نسيانا ليست بنحو الشرط المتأخر بحيث يرفع إتيان الأقل موضوع وجوب الأكثر حدوثا بل يسقط التكليف بقاء فقط لاستيفاء ملاكه فالشك وإن كان في المسقط الا ان جريان الاشتغال ليس منوطا بصدق عنوان الشك في المسقط بل منوط بأن يكون الشك من ناحية الامتثال واستيفاء فاعلية التكليف مع الجزم بحدود ما يهتم به المولى ويريده ، وفي المقام يكون الشك في حدود اهتمام المولى وغرضه وهو من الشك في أصل التكليف بقاء فتجري عنه البراءة الشرعية والعقلية على القول بها. نعم قد يقال بجريان استصحاب بقاء التكليف في المقام وذاك امر آخر.
__________________
(١) المكلف في الشبهة الحكمية يعلم من أول الأمر انه يجب عليه في الوقت اما الصلاة التامة بالخصوص أو الجامع بين الصلاة تامة أو ناقصة صادرة في حالة النسيان غاية الأمر دائما يتصور انه يأتي بالصلاة التامة فإذا قيل بمنجزية هذا العلم الإجمالي وعدم جريان البراءة عن التعيين فيه فبعد ارتفاع النسيان يجب عليه الاحتياط لأنه ينكشف لديه انه لم يفرغ ذمته عن التكليف المنجز عليه بالعلم الإجمالي من أول الأمر نعم لو نسي الجزئية لا الجزء فقد يصح هذا الأمر حينئذ لزوال علمه الإجمالي بالنسيان ، وهذا نظير ما إذا علم بوجوب عتق الرقبة المؤمنة عليه أو عتق مطلق الرقبة وقلنا بالاحتياط في الدوران بين التعيين والتخيير فأعتق رقبة تصور انها مؤمنة ثم انكشف انها كافرة فانه يجب عليه عتق رقبة أخرى مؤمنة ولا يجوز له إجراء البراءة بدعوى انه من الشك في التكليف الآن حيث يحتمل ان الواجب عليه عتق مطلق الرقبة.