الفعل بحسب الطبع الأولي والنوعيّ للناس بقطع النّظر عن عناية أو خصوصية زائدة فيكون بحكم العاجز عنه عرفا وان لم يكن عاجزا حقيقة.

وقد وقع البحث عند المحققين عن منجزية العلم الإجمالي بحرمة واقعة خارجة عن محل الابتلاء أو حرمة واقعة أخرى داخلة في محل الابتلاء ، ولتفصيل البحث حول هذا الأمر ينبغي الحديث في مقامين :

المقام الأول ـ فيما إذا كان بعض أطراف العلم الإجمالي بالحرمة غير مقدور حقيقة.

المقام الثاني ـ فيما إذا كان بعض الأطراف خارجا عن محل الابتلاء.

ومفروض البحث في المقامين مقارنة العجز الحقيقي أو العرفي مع العلم أو تقدمه عليه واما إذا حصل العجز بعد العلم الإجمالي فقد عرف حكمه مما سبق في بحث الاضطرار.

اما البحث المقام الأول ـ كما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد مائعين مثلا وكان أحدهما مما لا يقدر المكلف عقلا على الوصول إليه ـ فلا إشكال في عدم منجزية هذا العلم الإجمالي.

ويستند المحققون في وجه ذلك عادة إلى ان مثل هذا العلم الإجمالي لا يكون علما بتكليف فعلي فالركن الأول منتف لأن النجس إذا كان هو المائع الّذي لا يقدر عليه المكلف فليس موضوعا للتكليف إذا التكليف مشروط بالقدرة لا محالة فلا علم إجمالي بالتكليف الفعلي على كل تقدير وانما يشك في وجوده لاحتمال كون النجس في الطرف المقدور.

وكأن هذا التقريب حصل انسياقا مع ما يذكر في بحث الاضطرار فجعلوا الاضطرار العقلي إلى ترك الحرام كالاضطرار العقلي إلى فعله فكما لا ينجز العلم الإجمالي مع الاضطرار إلى ارتكاب طرف معين منه كذلك لا ينجز مع الاضطرار إلى تركه لأن التكليف مشروط بالقدرة وكل من الاضطرارين يساوق انتفاء القدرة فلا يكون التكليف ثابتا على كل تقدير.

والتحقيق : ان الاضطرارين يتفقان في نقطة ويختلفان في أخرى ، فهما يتفقان في عدم صحة توجه النهي والزجر معهما فكما لا يصح ان يزجر المضطر إلى شرب المائع عن شربه كذلك لا يصح زجر من لا يتمكن من شربه وهذا يعني انه لا علم إجمالي بالنهي

۵۲۴۱