قامت الحجة على الجامع لا أكثر فيقع البحث عنه في جهتين :

الجهة الأولى ـ في وجوب الموافقة القطعية لها. ولا إشكال فيه بناء على مبنانا في تفسير حقيقة الحكم الظاهري وفهمه من انه عبارة عن إبراز اهتمام الشارع بالواقع على تقدير ثبوته في حال الشك كاهتمامه به في حال العلم بأي لسان كان بحسب الصياغة ومقام الإثبات فانه بناء على ذلك يكون معنى هذا الحكم الظاهري الإلزامي اهتمام المولى بالواقع على تقدير وجوده في هذا الطرف أو ذاك الطرف وهو يقتضي الاحتياط والخروج عن عهدة التكليف الواقعي على كل تقدير فتجب موافقته القطعية كما لو كان يعلم بالنجاسة الواقعية في أحد الطرفين.

واما بناء على مباني القوم فقد يشكل تخريج وجوب الموافقة القطعية على بعضها.

منها ـ مبنى المحقق الخراسانيّ ( قده ) القائل بجعل المنجزية والمعذرية في مورد الأمارات ، فانه على هذا إن كان دليل حجية البينة منجزا لهذا الطرف بالخصوص أو ذاك كان ترجيحا بلا مرجح لأن نسبة البينة إلى كل منهما على حد واحد ، وان كان منجزا لأحدهما المردد فالفرد المردد لا وجود له ، وان كان منجزا لأحدهما الواقعي فالمفروض ان البينة لا تشهد الا بالجامع وان التردد في نفسها بحث قد لا تعلم هي أيضا بنجاسة أحدهما بالخصوص ، وان كان منجزا للجامع بينهما أي أحدهما فهذا يوجب التخيير وجريان البراءة عن حرمة كل منهما بخصوصه. ولا يقاس بالعلم الإجمالي بنجاسة أحدهما لأن العلم الإجمالي وان كان متعلقا بالجامع الا انه ينجز الواقع ، وفي المقام لا يمكن ادعاء ذلك إذ لو أريد ان البينة على الجامع تنجز الواقع عقلا فهو خلف كون المنجزية شرعية لا عقلية ، وان أريد انها تنجزه شرعا فهذا خلف ان البينة تشهد بالجامع لا بالواقع (١) فلا وجه لوجوب الموافقة القطعية على هذا المبنى.

__________________

(١) لا وجه لذلك فان دليل حجية البينة بناء على هذا المسلك تجعل لها نفس المنجزية الثابتة في مورد العلم بمؤداها والمفروض ان مؤداها الجامع الّذي يعلم فيه بالخصوصية المرددة لا جامع أحد الإناءين كما في التخيير الشرعي فيكون حالها حال العلم الإجمالي بمثل هذا الجامع من حيث المنجزية بدليل التنزيل.

نعم هنا إشكال ثبوتي يرد على كل المباني حتى المبنى المختار لا بد من حله وحاصله : ان دليل الحجية لو كان يجعل هذا القسم من البينة كالعلم الإجمالي بالواقع من حيث المنجزية ووجوب الموافقة القطعية كان معناه تكفله بنفسه لإلغاء جريان الأصول المرخصة في الطرفين ووجوب الاحتياط ولازمه عدم جريان الأصل الترخيصي حتى في الطرف الواحد وهذا أكثر من مفاد البينة الإجمالية لأنها لا تدل على نجاستهما معا ، والتحفظ على الأغراض الإلزامية الواقعية في موارد الأمارات انما يجب بأدلة حجيتها بمقدار

۵۲۴۱