وعلم بعد ذلك بان الإناء الأسود أو الأبيض كان نجسا منذ الصباح فان العلم الإجمالي الأول لا يكون منجزا لأنه بعد حصول العلم بنجاسة الإناء الأسود أو الأبيض منذ الصباح ينكشف ان قطرة الدم التي علم إجمالا بإصابتها لأحد الإناءين لم تستوجب تكليفا على كل تقدير إذ لو كانت قد أصابت الإناء الأسود وكان هو النجس منذ الصباح لم يكن مستوجبا لتكليف وهكذا يكون الميزان بالعلم المتقدم من حيث المعلوم فانه يوجب انحلال العلم الإجمالي الآخر انحلالا حقيقيا بمعنى انه لا يكون علما بتكليف على كل تقدير ، وواضح من هذا البيان ان نظر الشيخ النائيني ( قده ) إلى مورد مسانخة التكليفين لا ما إذا كان المعلوم بالعلم الإجمالي الثاني تكليفا من سنخ آخر كما إذا علم بنجاسة أحدهما ثم علم بغصبية الإناء الأسود أو الأحمر.
وهذا التقريب غير تام. لأنه لو كان المقصود ان العلم الإجمالي المتأخر لا يكون علما إجماليا بان القطرة الثانية مثلا سبب التكليف فهذا صحيح الا انه لا يشترط ذلك وانما اللازم ان يكون علما بما يلازم التكليف ويساوقه سواء كان سببا له أم لا وفي المقام يعلم بان تلك القطرة مساوقة وملازمة مع التكليف في أحد طرفي الإصابة والا لانتقض بما إذا كان أحد الطرفين من الأول مشكوك النجاسة ثم علم بوقوع قطرة دم فيه أو في إناء آخر فانه من العلم الإجمالي بالتكليف رغم انه لا يعلم بسبيتها لتكليف إذ لعلها أصابت الإناء المشكوك نجاسته وكان نجسا واقعا.
وان أريد أنه ليس علما بتكليف آخر أو ليس علما بحدوث تكليف وان كان علما بما يلازمه فمن الواضح انه لا يشترط ذلك في منجزية العلم فان المنجز هو العلم بأصل التكليف سواء كان بقائيا أو حدوثيا وسواء كان آخر أم لا والا لاتجه النقض المتقدم كما هو واضح.
أما النظرية الثانية فهي دعوى انحلال العلم الإجمالي المتأخر انحلالا حكيما بالعلم الإجمالي المتقدم وان كان معلومه معاصرا أو متقدما وذلك باعتبار ان العلم الإجمالي الأسبق زمانا قد نجز الطرف المشترك اما ابتداء ـ بناء على مسلك العلية ـ أو في طول تساقط الأصول ـ بناء على مسلك الاقتضاء ـ ومعه لا يكون العلم الإجمالي الثاني صالحا للتنجيز اما بالبيان المتقدم على مسلك العلية من ان المتنجز لا يتنجز فلا يمكن لهذا العلم ان ينجز كلا طرفيه أو بالبيان المبني على مسلك الاقتضاء