فيقع الكلام في جهتين :
الجهة الأولى ـ في المانع الثبوتي ، والتحقيق : عدم وجود مانع ثبوتا عن جريان الأصل المرخص في تمام أطراف العلم الإجمالي كما شرحنا ذلك مفصلا في بحوث القطع ، ويتبرهن ذلك بالالتفات إلى أمرين :
الأول ـ ان حكم العقل بوجوب الإطاعة وقبح المعصية حكم تعليقي مشروط بعدم الترخيص الشرعي والاذن من قبل المولى في المخالفة ، لأن هذا الحكم من أجل المولى وليس عليه.
الثاني ـ ان مرتبة الحكم الظاهري في تمام أطراف العلم الإجمالي محفوظة بناء على تفسيرنا في حقيقة الحكم الظاهري وكيفية الجمع بينه وبين الحكم الواقعي ، حيث تقدم في محله انه عبارة عن إعمال المولى لقوانين التزاحم الحفظي بين أغراضه وتقديمه الأهم منها على غيره في موارد الاشتباه والتردد وهذا في موارد العلم الإجمالي محفوظ لوجود التردد والاشتباه فيه بخلاف العلم التفصيليّ ، وعليه فإذا كان الغرض الإلزامي المعلوم بالإجمال المشتبه بين الطرفين أهم في مقام الحفظ من الغرض الترخيصي المحتمل والمعلوم بالإجمال أيضا في أحد الطرفين جعل إيجاب الاحتياط والا جعل الترخيص والتسهيل الظاهري في تمام الأطراف تماما كما هو الحال في موارد الشبهات البدوية.
وقد ذكر المحققون كل حسب مسلكه ومشربه بيانا لا ثبات المانع الثبوتي عن جريان الأصول المرخصة في تمام الأطراف وقد عبر عنه في كلماتهم بعلية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية وعدم إمكان الترخيص في تمام أطرافه.
وفيما يلي نلخص كلماتهم ضمن وجوه ثلاثة تبنت كل واحد منها إحدى المدارس الثلاث مدرسة المحقق الخراسانيّ ومدرسة المحقق النائيني ومدرسة المحقق العراقي ( قدس الله أسرارهم ).
الوجه الأول ـ ما ذكره المحقق الخراسانيّ ( قده ) من التضاد والتناقض بين جعل الترخيص الظاهري في تمام الأطراف وبين الواقع المعلوم بالإجمال إذا فرض بلوغه مرتبة الحكم الفعلي ولو بنفس تعلق العلم الإجمالي به ، إذ لا يعقل الحكم والإرادة الفعلية المطلقة في أحد الطرفين مع الترخيص الفعلي في كلا الطرفين وانما يعقل ذلك