لا يقال ـ إذا كان الوجوب عند مزاحمته مع مجرد الإباحة والترخيص لا يتحفظ المولى عليه ويجعل البراءة عنه فبالأولوية لا يتحفظ عليه عند مزاحمته مع الحرمة ، وكذلك يقال في طرف احتمال الحرمة ، وهذا يعني ان أدلة البراءة بالفحوى والأولوية تدل على البراءة في المقام.
فانه يقال ـ على ضوء فهمنا لحقيقة الحكم الظاهري يكون معنى جعل البراءة ترجيح مصالح الترخيص الواقعي على كل من مصالح الوجوب والحرمة في مقام الحفظ وهذا لا يعني الا أهمية المصالح الترخيصية على الإلزامية الوجوبية والتحريمية وهو لا يستلزم اندكاك المصلحتين الإلزاميتين في مقام الحفظ فقد يرجح المولى جانب الوجوب أو جانب الحرمة في مقام الحفظ فلا أولوية.
الوجه الرابع ـ المنع عن شمول أدلة البراءة للمقام بنكتة إثباتية أيضا ، اما دليل أصالة الحل فللقطع بعدم الحلية ، واما حديث الرفع فلان المراد من الموصول في رفع ما لا يعلمون ان كان عنوان الوجوب أو الحرمة فهو شامل للمقام لأن كلا من الوجوب أو الحرمة مما لا يعلم فيكونان مرفوعين ظاهرا. وان كان المراد بالموصول واقع الحكم المشكوك لا وجوده العنواني فالحكم الثابت في المقام واحد لا متعدد فلا يكون هنا الا رفع واحد لا رفعان ، وحيث ان الرفع الظاهري في قبال الوضع الظاهري فلا يدل الحديث عليه الا في مورد يعقل فيه الوضع الظاهري ، وفي موارد الدوران بين المحذورين لا يعقل الوضع لاستحالة الموافقة والمخالفة الواقعيتين وضرورة الموافقة والمخالفة الاحتماليتين.
وهكذا يتبرهن انه على التفسير الثاني للموصول لا يشمل حديث الرفع للمقام فيدعى ان الظاهر هذا التفسير لا التفسير الأول ، إذ ليس المقصود من العلم فيما لا يعلمون مطلق القطع حتى الجهل المركب بل الظاهر منه لحاظ جهة الانكشاف الصحيح المطابق للواقع ، بل ظاهر الموصول أيضا ان هناك حكما ثابتا في الواقع ولكن لا يعلمه المكلف ، وهذا نحو تصحيح لكلام الميرزا ( قده ) المتقدم في الوجه الثاني.
لا يقال ـ على هذا لا يمكن التمسك بحديث الرفع في موارد الشك في التكليف الا حيث يحرز موضوعه وهو التكليف الثابت في الواقع بحسب الفرض ومع إحرازه يرتفع الشك فأي فائدة لجعل مثل هذا الرفع؟.