الذهن ثانية فأي محذور في تكراره تارة مع القيد وأخرى بلا قيد بعد أَنْ لم يكن يرجع أحد الضميرين إلى الآخر.
وبهذا يتضح انَّ الاستخدام حقيقته عبارة عن سلخ الضمير عن كونه لمجرد الإشارة والإيصال إلى معنى متقدم وتضمينه إفادة معنى وصورة أخرى وإِنْ كانت هي كالصورة الأولى ولكنها مكررة بأَنْ تكون صورة للطبيعة المهملة أيضاً ومن هنا ينشأ الاستخدام إذا أُريد من الضمير الحصة الخاصة من الطبيعة ولو بدال اخر لأنَّ هذا يستلزم وجود صورة الطبيعة لكي ينضم إليها القيد فإذا كانت صورة الطبيعة المتقدمة بالمرجع مطلقة كان لا بدَّ من تكرارها بالضمير لا محالة لكي يفاد به الطبيعة المقيدة وهو خلف وضع الضمير اللغوي لأنه قد ضمن تأسيس المعنى في الذهن لا الإشارة إلى معنى موجود سلفاً ولو كان المعنى المؤسس به مشابهاً للمعنى المتقدم فضلاً عما إذا لم يكن مشابهاً وانما يشترك معه في كونه مدلول اللفظ.
التنبيه الثاني ـ قد علق المحقق النائيني ( قده ) على ما ذكره صاحب الكفاية في وجه منع الرجوع إلى العام بعد العلم برجوع الضمير إلى بعضه لابتلائه بالإجمال والاحتفاف بما يصلح للقرينة ، بأنَّ هذا غير تام لأنَّ سقوط عموم العام انما يكون بأحد سببين امّا وجود معارض له أو وجود ما يكون قرينة على التخصيص بحسب مقام الإثبات وكلا الأمرين غير موجود في المقام.
امّا الأول فلأنَّ المفروض عدم حجية أصالة عدم الاستخدام وامّا الثاني فلأنَّ الضمير بحسب الفرض يتكفل حكماً اخر غير الحكم المرتب على العام أولا فتخصيصه لا ربط له بتخصيص العام.
وهذا الكلام غير تام ، لأنَّ المنع عن ظهور العام في إرادة العموم أو أي ظهور اخر ـ الّذي هو ظهور تصديقي ـ يكون بأحد ملاكين :
١ ـ ملاك القرينية ـ بمعنى أَنْ ينصب المتكلم في مقام التخاطب وقبل أَنْ يفرغ من كلامه ما يكون موضحاً ومحدداً لمرامه من اللفظ المتقدم ، وهذا الملاك لا يبقي ظهوراً في إرادة المعنى المخالف للقرينة ذاتاً لأنَّ الظهور التصديقي انما هو بملاك أصالة التطابق بين ما هو ظاهر كلام المتكلم إثباتاً وما هو مراده ثبوتاً وهذا لا يكون أكثر من انَّ المتكلم