النقطة الخامسة : قد ناقش الأصفهاني (١) والسيد الأستاذ في صحة ما يدعى في الكلام المشهور من انَّ وقوع الطبيعة في سياق النفي أو النهي يختلف عقلا عن وقوعها في سياق الأمر والإيجاد ، بدعوى انَّ الطبيعة نسبتها إلى الوجود والعدم على حد واحد بمعنى انَّ الطبيعي إذا كانت نسبته إلى الافراد الخارجية نسبة الآباء إلى أبناء ـ كما هو الصحيح ـ لا نسبة الأب الواحد إلى أبنائه ـ كما هو مدعى الرّجل الهمداني ـ فكما انَّ هناك وجودات عديدة للطبيعة بعدد الافراد كذلك هنا إعدام عديدة للطبيعة بعدد الافراد لا محالة ، وكما انَّ الأمر الواحد يتعلق بوجود واحد كذلك النهي الواحد لا يتعلق إلاّ بعدم واحد من تلك الاعدام وبهذا حاولوا إبطال القاعدة العقلية المشهورة وجعلها مبنية على مسلك الرّجل الهمداني.
إلاّ انه قد تقدم منّا في بحوث النواهي الدفاع عن مقالة المشهور وانَّ هذه المناقشة خلط بين المسألة الفلسفية في النزاع المعروف بين ابن سينا والرّجل الهمداني وبين ما هو الملحوظ في المسألة الأصولية في تحديد المفاهيم الواقعة متعلقات للأوامر والنواهي في عالم الذهن. وتفصيل الكلام موكول إلى محله.
وبهذا ينتهي البحث في هذا الفصل الّذي عقدناه للحديث عن العموم.
__________________
(١) نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ٣٣٦