أولاً ـ انَّ الإطلاق ومقدمات الحكمة لا تقتضي أكثر من إثبات انَّ ما أُخذ موضوعا انما هو ذات الطبيعة بلا قيد وامّا التكثر الأفرادي فلا يُرى في مرحلة المدلول اللفظي بالإطلاق أصلاً ، على ما تقدمت الإشارة إليه في الجهة الأولى من الفصل الأول من هذا البحث ، وانما يفاد ذلك بأداة العموم حيث يفاد بها صورة ذهنية أخرى هي ملاحظة الافراد بما هي متكثرة (١) ولا يحتاج في تبرير الوضع أو الاستعمال إلى أكثر من تنويع الصور الذهنية في مقام المحاورة وإخطار المعاني إلي الذهن ولو فرض عدم الفرق بينهما بلحاظ أحكام الشارع ، على انَّ هذا قد يترتب عليه الأثر الشرعي باستظهار انَّ مركز الحكم المجعول وموضوعه انما هو الفرد بما هو فرد لا الطبيعة.
وثانيا ـ انَّ الطولية انما هي بين الاستيعاب والإطلاق أي كون المدخول غير مقيد ، وامّا خصوصية شمولية الإطلاق فهي مستفادة بدال آخر ولو كان قرينة عامة من قبيل وقوعه موضوعا للحكم مثلا ، وبالجملة خصوصيتي البدلية أو الشمولية انما تستفاد في المطلقات من دال آخر عقلي أو عرفي على ما أشرنا إليه مراراً ، والاستيعاب المفاد بالأداة ليس في طول الدال على هذه الخصوصية بل في عرضه فيمكن أَنْ تكون مؤكدة له وبذلك ترتفع اللغوية.
وثالثا ـ إذا كان المقصود توقف العموم على تحديد ما يراد من مدخوله في نفسه وبلحاظ العموم لا ما يراد من الحكم جداً المستفاد بالإطلاق ومقدمات الحكمة ولو لم تدخل الأداة فلا طولية بين مفاد الإطلاق ومقدمات الحكمة وبين الأداة ليكون لغواً فانه وإِنْ كان فيه تطويل للمسافة ولكنه صورة ذهنية أخرى يكون موضوع الحكم فيه هو العموم ولكن لوحظ الإطلاق في مدخوله بلحاظ ، وهذا في الواقع جانب آخر لعدم اللغوية في الوضع والاستعمال بلحاظ ما هو غرض الوضع والاستعمال كما ذكرنا
__________________
(١) في هذا التعبير مسامحة فان حقيقة العموم ليست بالدلالة على التكثر الأفرادي بدليل عدم وجوده في الاستيعاب الأجزائي في جملة ( أكلت كل السمكة ) وبدليل وجود التكثر الأفرادي في المطلق أيضاً كما في الجمع المضاف من قبيل « أكرم علماء البلد » وانما المقصود ان هناك مدلولاً تصورياً زائداً يفاد بأدوات العموم هو مفهوم الاستيعاب لتمام وجود مدخولها في الخارج وهذا المفهوم لا يستفاد بالإطلاق ومقدمات الحكمة في مرحلة المدلول التصوري وان افترض ان النتيجة بحسب المدلول الجدي والظهور التصديقي واحدة.