ناقصة بينه وبين المادة فتكون النسبة الإرسالية ( أي الوجوب ) أيضاً متقيدة بالموضوع لأنَّ الموضوع تحصيص لمتعلق الحكم وتكون النسبة بينه وبين المادة بحسب الروح نسبة الإضافة الناقصة وإِنْ كان المتعلق بحسب القواعد النحوية مفعولاً به. واما التقييد الثاني أعني تقيد الجزاء بالشرط فهو نسبة توقفية تامة كما تقدم ، وكلما اجتمعت نسبتان إحداهما تامة والأخرى ناقصة كانت النسبة الناقصة مأخوذة في طرف النسبة التامة لكي تتم بها إذ لو كانت في عرضها كان الكلام ناقصاً وبحاجة إلى تتمة وهذا هو معنى الطولية المقصودة.
وفي ضوء هذا التحليل لمفاد الجملة الشرطية نقول : انَّ المفهوم في الجملة الشرطية من شئون التقييد الثاني أي من شئون الدلالة على النسبة التوقفية ، إلاّ إِنَّ هذا التقييد لا يقتضي أكثر من انتفاء ما عُلق على الشرط الّذي هو الحكم المفروغ عن تقيده بموضوعه وحينئذ إذا كان الشرط مغايراً مع الموضوع وتحققه غير مساوق لتحققه كما في ( إذا جاءك زيد فأكرمه ) كان مقتضى إطلاق النسبة التوقفية انتفاء وجوب إكرام زيد عند انتفاء الشرط الّذي هو المجيء فيدل لا محالة على المفهوم المطلوب ، وامّا إذا كان الشرط مساوقا مع الموضوع بحيث كان انتفائه مستلزما لانتفاء الموضوع أيضا كما في مثال ( إذا رُزقت ولداً فاختنه ) فلا تدل الجملة على المفهوم ، لأنّها وإِنْ كانت دالة على انتفاء الحكم المقيد بموضوعه عند انتفاء الشرط إلاّ انَّ انتفائه بحسب الفرض يساوق انتفاء موضوع الحكم الّذي يكون انتفاء الحكم به ثابتاً في نفسه عقلا بقطع النّظر عن الشرطية ، نعم لو أُريد نفي الحكم بقطع النّظر عن تقييده أي نفي مطلق وجوب الختان ولو عن ولد آخر في المثال فهذا امر لم يكن منتفياً عقلا ، إلاّ انه لا يمكن استفادته لأنه خلاف الطولية بين التقييدين كما هو واضح (١).
__________________
(١) هذا النحو من الجمل الشرطية أيضا يمكن اتخاذها دليلاً على صحة مسلك المحقق الأصفهاني في تفسير الشرطية إذ لو كانت تدل على التعليق كان المعنى ( ختانك لولدك معلق على مجيء الولد ) ومثل هذا تعليق مستهجن عرفاً لثبوته عقلاً فيكون أشبه بالقضية بشرط المحمول. بخلاف ما إذا فسرنا الشرطية بان الشرط فيها لمجرد التقدير وتحديد فرض صدق الجزاء من دون تعليق إذ تكون النسبة التامة والمدلول التصديقي حينئذ بإزاء الجزاء فلا تستبطن الجملة للتكرار أو القضية بشرط المحمول فتأمّل جيداً.