وكان بإمكانه أَنْ يجيب عن الإشكال بجواب آخر يتم بلحاظ كل مشرِّع حاصله : انَّ النهي حيث يستحيل أَنْ يتعلق بما يكون تمليكا بالفعل فلا بدَّ وأَنْ يحمل على انه نهيٌ عن التمليك اللولائي أي ما يكون تمليكا لو لا النهي ، ومن الواضح انَّ مثل هذا التمليك التقديري تحت قدرة المكلف حتى بعد ثبوت النهي.
وتوضيح ذلك : انَّ التمليك الفعلي وإِنْ كان خارجا عن قدرة المكلف بعد النهي وأيضا نفس ثبوت النهي أو عدم ثبوته خارج عن قدرته إلاّ انه قادر على أَنْ يجعل الملازمة بين عدم النهي وبين ثبوت التمليك الفعلي بأَنْ يثبت التمليك الفعلي لو لا النهي عن طريق إنشاء المعاملة.
وهذه الملازمة تحت قدرة المكلف حتى بعد النهي.
الكلمة الثالثة ـ انَّ أصل ما ذكره من الدليل على انَّ النهي يوجب البطلان غير صحيح ، فانَّ السلطنة التي قال بأنها تزول بالنهي عن المسبب لها أحد معان ثلاثة :
المعنى الأول ـ السلطنة بمعنى عدم المحرومية والممنوعية شرعاً عن إيجاد المسبب.
وهذا عبارة أخرى عن الجواز التكليفي وعدم الحرمة الشرعية وليس شيئاً آخر. فلو كان مقصوده ( قده ) من اشتراط السلطنة في صحة المعاملة اشتراط هذا المعنى فهذا عين المدعى فكيف يجعل دليلاً عليه فانَّ اشتراط السلطنة بهذا المعنى يعني اشتراط عدم النهي عن المسبب ، ومعنى أخذ عدم النهي شرطاً في صحة المعاملة انَّ النهي يوجب البطلان فانَّ النهي يصبح حينئذ مانعاً عن الصحة فهذا تلاعب بالألفاظ.
المعنى الثاني ـ السلطنة على المسبَّب بمعنى القدرة التكوينية على إيجاده ومن الواضح انَّ السلطنة بهذا المعنى يستحيل أَنْ تؤخذ في موضوع إمضاء المسبَّب ، فانَّ القدرة التكوينية على المسبَّب في طول إمضاء المسبَّب إذ مع عدم إمضاء الشارع للمسبَّب لا قدرة على إيجاده وإذا كانت القدرة في طول الإمضاء فكيف يُعقل أخذها في موضوعه؟ وإذا لم تكن السلطنة مأخوذة في موضوع الإمضاء فلا ضير في أَنْ يكون النهي عن المسبَّب مزيلا لها.
المعنى الثالث ـ أَنْ تكون السلطنة على المسبب عبارة عن مجرد الأمر الاعتباري ، أي اعتبار أَنَّ المكلف مالك لإيجاد المسبب وللتصرف الوضعي ، ومجرد اعتبار كونه مالكا