امتناع اجتماع الأمر والنهي وافتراض عدم تمامية ملاكات جواز الاجتماع لا بدَّ وأَنْ يسري هذا الحب من الجامع إلى الحصة والفرد فيقع التزاحم بين هذا الحب الّذي يكون بملاك إلزاميّ وبين بغض هذا الفرد الّذي يكون بملاك كراهتي وبعد التزاحم لا بدَّ وأَنْ يزول البغض امام الحب لأقوائية ملاك الحب بحسب الفرض ، مع انَّ المفروض أنَّ هذا الفرد المنهي عنه مبغوض بالفعل بالبغض الكراهتي.
اذن فالمبغوضية الفعلية لهذا الفرد المستكشفة من النهي تكون دليلاً على انَّ الجامع المنطبق على هذا الفرد ليس واجداً لملاك المأمور به ، وهذا يعني انَّ هذا الفرد من العبادة يقع باطلاً بنكتة قصوره الذاتي وعدم وجدانه للملاك ، وهذا في الحقيقة هو البرهان الأول من البراهين السبعة المتقدمة وهو صحيح في المقام(١).
وإِنْ لم يصح في النهي التحريمي ، فانه في النهي التحريمي كان يحتمل أَنْ يكون المنهي عنه واجداً لمصلحة المأمور به ومع هذا يكون مبغوضاً باعتبار أقوائية المفسدة على المصلحة ، لكن هنا لا يحتمل ذلك للعلم بأضعفية المفسدة فلو كان المنهي عنه واجداً لمصلحة المأمور به لزالت المبغوضية عنه حتماً.
وامّا لو التزمنا بجواز اجتماع الأمر والنهي بدعوى : انَّ الأمر متعلق بصرف الوجود والنهي متعلق بالحصة فالظاهر انَّ النهي الكراهتي لا يقتضي الفساد ، فانَّ البراهين الأربعة الأولى لاقتضاء النهي للفساد كانت مختصّة بفرض الامتناع ، والبرهان الخامس والسادس لم يكونا صحيحين في أنفسهما ، والبرهان السابع كان على أساس دعوى ارتكازية انه يشترط في صحة العبادة عدم وجود داع شيطاني ، والقدرة المتيقن
__________________
(١) هذا انما يصح في خصوص ما إذا لم تكن مندوحة للمأمور به وامّا مع وجودها فلا مانع من عدم سريان الحب الفعلي إلى الفرد المكروه رغم كون ملاك الأمر ومصلحته الالتزامية موجوداً في مورد النهي ، وهذا واضح جداً لو جعلنا الإرادة التشريعية غير الحب والشوق فانَّ المولى سوف تتعلق إرادته التشريعية بالجامع ضمن غير الفرد المكروه رغم وجدان هذا الفرد أيضاً للمصلحة حفاظا على الملاكين اللذين يمكن الجمع بينهما مولوياً.
وامّا إذا قلنا بأنَّ الإرادة هي الحب والشوق الّذي هو أمر تكويني غير اختياري فقد يُقال حينئذ بناء على الامتناع وتعلق الحب بكل فرد بنحو التخيير الشرعي ان الفرد المكروه لو كان واجداً لمصلحة المأمور به الإلزامية لسرى الحب إليه وباعتبار أقوائية ملاكه تقدم على الكراهة والبغض في مقام التزاحم.
إلاّ أنَّ هذا الكلام غير تام لأنَّ دليل هذه السراية هو الوجدان وهو يحكم في المقام بإمكان مبغوضية الفرد المكروه بالفعل رغم وجدانه لمصلحة الأمر إذا كان هناك مندوحة ، وعليه فلا يتم البرهان الأول هنا أيضا كما لم يتم في النهي التحريمي.