ما أفاده الشهيد الأوّل في إدراج المسألة في محلّ الخلاف
لكنّه رحمهالله تعرّض في بعض تحقيقاته لتوجيه إدراج المسألة في البيع : بأنّ مورد السَّلَم لمّا كان ماهيّةً كلّيةً ثابتةً في الذمّة منطبقةً على أفرادٍ لا نهاية لها ، فأيّ فردٍ عيّنه المسلَم إليه تشخّص بذلك الفرد وانصبّ العقد عليه ، فكأنه لمّا قال الغريم : «اكتل من غريمي فلان» قد جعل عقد السلم معه وارداً على ما في ذمّة المستلف منه (١) ولمّا يقبضه بعدُ ، ولا ريب أنّه مملوكٌ له بالبيع ، فإذا جعل مورداً للسَّلَم الذي هو بيعٌ يكون بيعاً للطعام قبل قبضه ، فيتحقّق الشرطان ويلحق بالباب ، وهذا من لطائف الفقه (٢) ، انتهى.
مناقشة الشهيد الثاني لذلك
واعترضه في المسالك : بأنّ مورد السَّلَم ونظائره (٣) من الحقوق الثابتة في الذمّة لمّا كان أمراً كلّياً كان البيع المتحقّق به هو الأمر الكلّي ، وما يتعيّن لذلك من الأعيان الشخصيّة بالحوالة وغيرها ليس هو نفس المبيع وإن كان الأمر الكليّ إنّما يتحقّق في ضمن الأفراد الخاصّة ، فإنّها ليست عينه ؛ ومن ثَمّ لو ظهر المدفوع مستَحَقّاً أو معيباً يرجع الحقّ إلى الذمّة ، والمبيع المعيّن ليس كذلك ، وحينئذٍ فانصباب العقد على ما قبض وكونه حينئذٍ مبيعاً غير واضح ، فالقول بالتحريم به عند القائل به في غيره غير متوجّه (٤) ، انتهى.
المناقشة في ما أفاده الشهيد قدّس سرّه
أقول : ما ذكره من منع تشخيص المبيع في ضمن الفرد الخاصّ
__________________
(١) في «ش» : «المسلف منه».
(٢) نقله عنه الشهيد الثاني في المسالك ٣ : ٢٥٠.
(٣) في «ف» بدل «نظائره» : «غيره».
(٤) المسالك ٣ : ٢٥١.