أوائل هذه المباحث في تقريب الفعلي من وجه والفعلي بقول مطلق بأن الغرض من التكليف : تارة يكون بحدّ يوجب قيام المولى مقام البعث وإيصاله إلى المكلف ولو بنصب طريق موافق وإيجاب الاحتياط ، فمثله لا يجوز الترخيص في خلافه ، فإنه نقض للغرض.
وأخرى لا يكون بذلك الحد ، بل بحيث إذا وصل من باب الاتفاق لتنجّز ، وكان سببا لتحصيل الغرض من المكلف ، فمثله يجوز الترخيص في خلافه وسدّ باب وصوله.
وأدلة الأصول الشاملة لموارد العلم الإجمالي كاشفة عن أن الغرض من سنخ الثاني وليس مثلها في مورد العلم التفصيلي.
فمندفع ، أما أولا ، فبأن هذا التفصيل إنما يجدي في دفع شبهة نقض الغرض من التعبد بالظن وغيره على خلاف الواقع كما سيجيء إن شاء الله تعالى في محله لا في مقام دفع المنافاة بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري من حيث نفسهما والكلام في الثاني.
وأما ثانيا ، فإنه يجدي في الحكم على خلاف الحكم الواقعي ، لا على خلاف الحكم الواصل من باب الاتفاق مع حكم العقل بعدم الفرق بين أنحاء الوصول.
وأما ثالثا ، فبأنه يجدي في عدم لزوم نقض الغرض من المكلف به لا في عدم لزوم نقض الغرض من نفس التكليف ، فإن الغرض من نفس التكليف في جميع الموارد سنخ واحد.
ومن البيّن أن الغرض من نفس التكليف جعل الداعي والباعث فعلا ، والترخيص الفعلي نقض لهذا الغرض.
__________________
في القول بإمكان أخذ الظن بحكم في موضوع مثله أو ضده يمكن أن يكون الحكم فعليا بمعنى أنه لو تعلق به القطع على ما هو عليه من الحال لتنجز واستحق على مخالفته العقوبة. كفاية الأصول / ٢٦٧